ضرب إيران حقيقة أم زوبعة في فنجان؟!
العين برس/ مقالات
صعدت إسرائيل مؤخرا لهجتها تجاه إيران وهددتها بضرب منشآتها النووية بل توعدتها بمفاجأة!! لكن ما الذي دفع تل أبيب لسلك هذا المنحى؟
الحقيقة أن الأزمة السياسية التي يعيشها الكيان الصهيوني عميقة و غير مسبوقة، وقد حاول قادته حرف الأنظار عنها من خلال العمل العسكري ضد الفلسطينيين لكن محاولتهم باءت بالفشل ما جعلهم يفكرون بتصدير بعض من شرارات هذه المأساة التي يكتون بنارها إلى الآخرين البعيدين … ولكن ما يجري في إسرائيل من تأزم سياسي وتآكل قوتهم الردعية, ينذرهم بخطر وجودي لا يمكن تفاديه حيث وصف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في مقابلة خاصة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الصراع المحيط بمخطط الإصلاح القضائي بأنه “أخطر أزمة داخلية يشهدها الكيان منذ قيامه، وهي أزمة تطال العديد من القطاعات”.
ويتحدث آري شافيط وهو أحد أبرز الكتاب والمحللين الإسرائيليين، في كتابه “إنقاذ إسرائيل” عن إحساس يتشارك فيه مع ملايين الإسرائيليين بقوله بأن شيئا رهيبا يحدث، ويهدد وجود إسرائيل مع التذكير بأن خراب الدولة اليهودية الأولى والدولة اليهودية الثانية -الهيكل الأول والثاني – كان نتيجة أزمات داخلية أيضا ويحذر الكاتب من خطر وجودي داهم على الدولة اليهودية لم تصادف شبيها له منذ 75 عاما ، خطر يتعزز بوجود التهديد الخارجي المتمثل بالخطر الإيراني و الخطر الفلسطيني المتوقع بانهيار السلطة و تجدد المقاومة في الضفة الغربية و احتمال انزلاقها إلى الجليل و المثلث و النقب.
و لاشك أن ما يراه شافيط ليس بعيدا عن الواقع, إذ إن إيران اتبعت سياسات مدروسة و اتخذت اجراءات واسعة و سريعة لرفع مستوى الردع لدى فصائل المقاومة الفلسطينية كان آخرها إسقاط القبة الحديدية و قامت بجهود وساطة للمصالحة بين حماس و النظام السوري مما يوفر للمقاومة بعدا استراتيجيا و عمقا أمنيا لتعزيز موقفها أمام الكيان الإسرائيلي و نجحت أيضا خلال الفترة الأخيرة في توحيد صفوف محور المقاومة في المنطقة لأي مواجهة قادمة والوقوف صفا واحدا ضد الكيان الصهيوني انطلاقا من مقاربتها الجديدة التي عرفت بوحدة الساحات ومنع هذا الكيان من التفرد بقطاع غزة أو الضفة الغربية في أي مواجهة قادمة هذا عدا مساعدتها المقاومة في غزة على تعزيز وتطوير عناصر الردع والقوة، مما جعل قادة الكيان الصهيوني يدركون جيدا أن المعادلة تجاه قطاع غزة معقدة للغاية. وإذا كانت صواريخ غزة قد دكت البؤر الصهيونية في القدس الشريف خلال حرب عام 2023 ، فلاريب أنها ستتجاوز بالتأكيد حدود تل أبيب في الحروب القادمة, وستكون قادرة على التصدي لطيران الاحتلال ومضاعفة قدراتها القتالية البرية…
الأزمة الأخيرة في إسرائيل بينت وجود تباعد وكذلك توتر في العلاقات ما بين المؤسستين السياسية والعسكرية، في ظل وجود قادة متطرفين في الحكومة مثل كسموتريتش وبن غفير اللذين يواجهان معارضة كبيرة في أوساط المؤسسة الأمنية التي ترى في أفكارهما بأنها هدّامة للقيم التي تأسس عليها الجيش. وقد ولد هذا الأمر حالة من العصيان والتمرد داخل المؤسسة العسكرية ضد الحكومة.
ما يحدث في داخل الكيان من انشقاق من جهة وتعاظم قوى الردع لدى المقاومة الفلسطينية بدعم من إيران من جهة أخرى، قد قضى نهائيا على حلم القادة الصهاينة لإقامة دولة صهيونية موحدة على الأراضي الفلسطينية كافة، وفي ظل التطورات الراهنة فقد بات هذا المشروع أمرا مستحيلا…
اما التقارب والتفاهم الإيراني السعودي فمن شأنه أن يفرض حالة من العزلة الإقليمية على الكيان ويدفع النظام السوري للمطالبة باستعادة مرتفعات الجولان المحتلة ما يدفع بنيامين نتنياهو إلى التصعيد ضد طهران و اتخاذ لهجة هجومية كي يظهر بمظهر القوة خاصة بعد مناورات حزب الله العسكرية في جنوب لبنان التي حاكت اختطاف جنود واقتحام مستوطنات إسرائيلية أرعبت العدو الصهيوني.
لم تكن التهديدات الإسرائيلية بالأمر الجديد غير أن الرسالة الموجهة لطهران كانت واضحة وهي أن إسرائيل يمكنها أن تقوم بأي فعل دون الولايات المتحدة لكن الواقع يؤكد أنها لم و لن تستطيع أن تقوم بأي خطوة دون ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية ولما كانت أمريكا ترمب لم توافق على إجراء كهذا فكيف بحكومة بايدن المترددة أصلا في سياساتها تجاه الملفات المهمة؟!
مجتبى علي حيدري/ كاتب ايراني