قالت وسائل إعلام عبرية إن اللقاء المثير للجدل بين وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، الأسبوع الماضي، في العاصمة الإيطالية روما، لم يكن الأول، مستعرضة عددا من “الاتصالات السرية” التي جرت سابقا بين البلدين.
والأحد، أعلنت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي أن كوهين التقى بنظيرته الليبية في العاصمة الإيطالية روما، الأسبوع الماضي؛ ما فجر غضبا حادا في ليبيا ودفع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى إيقافها عن عملها وإحالتها للتحقيق.
وأكد المراسل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، إيتمار آيخنر، أن “تدشين العلاقات الإسرائيلية مع ليبيا عُهد إليها للمسؤول السابق بمجلس الأمن القومي رونان ليفي ماعوز، وهو المدير العام الحالي لوزارة الخارجية، وقد شارك في لقاء كوهين-المنقوش”.
وقال: “كان من أوائل من فتحوا الباب أمام اللقاءات مع ليبيا، رون بروشور، السفير الإسرائيلي في ألمانيا، والمدير العام السابق لوزارة الخارجية، وقد بدأت العلاقات عقب الإطاحة بالقذافي عام 2011، وانقسام البلاد بين الحكومة الغربية في طرابلس، وحكومة الشرق في بنغازي”، حسبما نقله موقع “عربي 21”.
وأضاف آيخنر أن الجنرال الليبي المتقاعد وقائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر “صرح في 2021 أنه إذا فاز في الانتخابات الرئاسية، التي لم تجر في النهاية، فهو مهتم بالتوصل للتطبيع مع “إسرائيل”، وفي العام نفسه، هبط نجله سرّاً على متن طائرة خاصة في مطار بن جوريون. وفي 2017، بادر رافائيل لوزون، اليهودي الليبي من مواليد بنغازي، لعقد اجتماع في رودس باليونان”.
من جهته، أكد رئيس اتحاد يهود ليبيا، رفائيل لوزون، لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، أن لقاء المنقوش بنظيرها الإسرائيلي، ليس الأول بين مسؤولين ليبين وإسرائيليين.
وأوضح لوزون أن مسؤولين إسرائيليين وليبيين رفيعي المستوى اجتمعوا قبل ست سنوات في جزيرة رودوس اليونانية، وضم اللقاء وزيرة المساواة آنذاك جيلا جمليئيل، التي تنحدر والدتها من أصول ليبية، ووزير الاتصالات آنذاك أيوب قرا، ونائب رئيس الكنيست آنذاك يهيل بار، واللواء المتقاعد، يوم توف ساميه، وهو من أصول ليبية أيضا.
وعلى الجانب الليبي، ترأس الوفد وزير الإعلام والثقافة في حكومة عبدالرحيم الكيب في الشرق، عمر القويري، أما رئيس حكومة الإنقاذ الوطني في الغرب، خليفة الغويل، فقد أرسل تهانيه إلى المجتمعين في الجزيرة عبر الفاكس، على حد زعم لوزون، حسب الصحيفة.
ولفت إلى أن الاجتماع الذي عقد في فندق على مدى ثلاثة أيام، جاء في الذكرى الخمسين لـ”طرد” اليهود من ليبيا بعد حرب الأيام الستة عام 1967، وتحدث مسؤول ليبي في الاجتماع عن حق اليهود الليبيين في العودة للبلاد، والحصول على تعويضات بسب الخسائر التي لحقت بهم.
ثم بادر لوزون لعقد المزيد من الاجتماعات بين المسؤولين الإسرائيليين والليبيين في روما وتونس واليونان.
وأضافت الصحيفة: “خلال انتفاضة الأقصى جرت مفاوضات سرية بين ليبيا وإسرائيل تحضيراً لاحتمال توقيع اتفاق سلام، وتم الكشف عن اتفاق السلام بينهما بوساطة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وقطر”.
بينما أشار آيخنر إلى أن “ممثلين عن الجانبين التقيا حينها في فيينا، واتفقا على زيارة وفد إسرائيلي لطرابلس، لكن بعد تسريب الخبر بعثت ليبيا برسالة حادة لإسرائيل تبلغها بوقف الاتصالات بعد التسريب الذي جاء من مكتب رئيس الوزراء آنذاك أريئيل شارون، واتهمت ليبيا إسرائيل بعدم الوفاء بالحد الأدنى من معايير الأخلاق السياسية في العلاقات الدولية”.
ونفى دوف فايسغلاس، رئيس ديوان شارون، إجراء مكتبه اتصالات مع ليبيا، مرجحا أن تكون هذه الاتصالات أجراها الموساد أو وزارة الخارجية.
وفي السنوات التالية، أعلن مسؤولون ليبيون كبار صراحة أن “إقامة علاقات مع إسرائيل أمر محتمل في المستقبل”.
وذكرت “يديعوت”: “في عام 2005، قال سيف الإسلام القذافي (نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي)، إن بلاده ليس لديها أي مخاوف بشأن الرسائل التصالحية التي نقلتها إسرائيل، بزعم أن ليبيا دولة أفريقية أكثر منها عربية، وإذا أجرى الفلسطينيون محادثات مع إسرائيل، فلن تكون لدينا مشكلة بإقامة علاقات دبلوماسية معها”.
وفي 2010 اعتقلت طرابلس رفائيل حداد، الفنان والمصور الإسرائيلي التونسي الذي جاء إلى ليبيا لتصوير المقابر والمعابد اليهودية فيها، وتم القبض عليه للاشتباه بكونه عميلاً للموساد، وفق مراسل “يديعوت”.
وبيّن التقرير أنه في وقت لاحق، “أجرى وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان محادثات سرية من خلال شريكه المقرب رجل الأعمال اليهودي النمساوي مارتن شلاف، ووالتر أربيف، رجل الأعمال اليهودي من أصل ليبي، وقد تواصلا مع سيف الإسلام القذافي، وفي البداية طالبت ليبيا بالسماح لقافلة مساعدات ترعاها مؤسسة القذافي بالوصول لقطاع غزة، لكن الاقتراح قوبل بالرفض”.
ولاحقا، تم الاتفاق على إطلاق سراح المصور حداد مقابل أن ترسو القافلة الليبية في العريش المصرية، وتنقل محتوياتها إلى غزة عبر معبر رفح، وسُمح لليبيا ببناء 20 مبنى جاهزًا في غزة.
وأكد التقرير أن “الاحتلال أطلق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل إفراج ليبيا عن حداد الذي نقل إلى فيينا على متن طائرة شلاف الخاصة، وفي اليوم التالي عاد لإسرائيل برفقة ليبرمان، بعد مكوثه 170 يوما في المعتقل الليبي”.