دوافع التصعيد الأمريكي البريطاني شرق اليمن
العين برس / تقرير
الكاتب / حلمي الكمالي
من الواضح أن الحديث عن السلام في اليمن، يؤرق كهنة البيت الأبيض وأمراء الحرب في مختلف القوى الغربية الاستعمارية، فمع كل حديث عن تقدم أو إجراءات في إتجاه تحقيق هذا السلام المغيب تحت مقصلة آلة البترودولار؛ يجن جنون الساسة الغربيين التي لا تلبث حتى ترسل المزيد من قواتها إلى اليمن، لتعزيز حضورها العسكري الغير شرعي في البلد، لضمان استمرار الحرب والحصار والنهب التي تمارسها تحت جلباب التحالف السعودي الإماراتي.
ولعل هذا ما يفسر وصول سفينة عسكرية بريطانية جديدة إلى سواحل محافظة المهرة، شرقي البلاد، وهي ذات السفينة التي حاول الإعلام البريطاني التغطية عن وصولها بالحديث عن اشتباك بين ” يخت سياحي بريطاني” وعناصر من خفر السواحل اليمنية قبالة ميناء نشطون بالمحافظة، ليتم الكشف لاحقاً عن إنزال لقوات ومعدات عسكرية بريطانية جديدة في الميناء، الذي حولته قوى التحالف السعودي الإماراتي لأغراض عسكرية بحتة منذ بداية حربها على البلد.
التحركات العسكرية البريطانية الجديدة، تأتي في إطار تحركات غربية واسعة في الشرق اليمني الإستراتيجي، تصاعدت بشكل كبير ولافت خلال الآونة الأخيرة، مع بدء المفوضات القائمة بين الرياض وصنعاء، والتي تخللتها زيارة وفد سعودي رفيع المستوى إلى العاصمة اليمنية؛ حيث عززت القوات الأمريكية انتشارها في سواحل محافظتي المهرة وحضرموت، ناهيك عن الزيارات المكثفة والسرية التي يجريها مسؤولين سياسيين وعسكريين أميركيين إلى المناطق الشرقية اليمنية.
آخر هذه الزيارات، كانت للسفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، الذي وصل منتصف أبريل الماضي، إلى مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، في زيارة هي الثانية خلال أقل من 5 أشهر، حيث أجرى عدة لقاءات مع مسؤولين في السلطة المحلية التابعة للمجلس الرئاسي، وشخصيات قبلية، بالتزامن أيضاً مع تحركات فرنسية يقودها سفير باريس لدى الرئاسي، جان ماري صفا، والذي بدوره أجرى عدة لقاءات سرية مع قيادات قبلية وعسكرية من مديريات الوادي والصحراء، خلال الأسابيع الماضية، وفقاً لتسريبات صحفية غربية.
وتأتي هذه التحركات الغربية المكثفة، ضمن مخطط أمريكي بريطاني فرنسي مشترك، لتثبيت نقاط سيطرة في المناطق الشرقية الإستراتيجية لليمن، وعلى رأسها الموانئ والمناطق الساحلية الحيوية، إلى جانب حقول النفط في الهضبة النفطية وما جاورها من مناطق الثروة في شبوة مروراً بالسواحل الجنوبية حتى مضيق باب المندب، وهذا يجري في إطار المساعي الأمريكية الغربية الواسعة على كافة الأصعدة، لتقويض جهود السلام، وإفشال أي مساعي لإنهاء الحرب على اليمن.
وهذه المساع الأمريكية، لا تترجمها تحركاتها العسكرية المباشرة في اليمن وحسب، بل تعكسها أيضاً الصراعات الفتاكة القائمة بين قطبي التحالف السعودي الإماراتي وفصائلها في حضرموت وعموم المحافظات اليمنية الجنوبية، ضمن صراعات النفوذ والسيطرة التي تجري في ملعب التحالف الذي تشارك فيه الولايات المتحدة الأمريكية بصورة رئيسية ومباشرة منذ انطلاق عملياته العسكرية في مارس 2015، والتي دُشنت بإعلان رسمي من منصة البيت الأبيض.
على أية حال، يبدو أن أمريكا لم تتعلم بعد من الدروس التي تلقنتها بشكل مخزٍ في فيتنام وأفغانستان والعراق، لكن الذهاب لتثبيت نقاط سيطرة في اليمن، هو ضرب من الجنون والانتحار، لن يتحقق مطلقاً في ظل وجود قوة وطنية في صنعاء، تمكنت من فرض قواعد إشتباك جديدة وتثبيت معادلات ردع إستراتيجية على مسرح المواجهة المفتوحة مع قوى التحالف داخلياً وخارجياً؛ وهي ذات القواعد والمعادلات التي عجزت أحدث التقانة العسكرية الأمريكية الغربية برمتها، عن مجابهتها طيلة الثمانية الأعوام الماضية.
بالتالي، فإنه يمكن التأكيد أن الإستمرار في التصعيد الأمريكي وكل التحركات العسكرية الغربية في اليمن، سيدفع صنعاء لاتخاذ خياراتها الإستراتيجية، وهو ما لوح به وزير الدفاع في حكومة صنعاء اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، في تصريحات الأخيرة، والذي أكد أنهم أعدوا ” القوة والردع الاستراتيجي، وجهزنا جحافل الجيش اليمني المسلح بالهوية الإيمانية، والمسنود بتأييد الله”، لافتاً إلى أنه إذا ” صدقت دول العدوان ونفذّت ما تم الاتفاق عليه فيستفيدوا أيضاً، أما إذا استمرت في المغالطة والمراوغة وفكرّت في التصعيد بضغوط خارجية فسيخسرون”.