تيران وصنافير: استثمار سعودي في الجغرافيا لصالح العلاقة مع الصهاينة

تيران وصنافير

تيران وصنافير: استثمار سعودي في الجغرافيا لصالح مستقبل العلاقة مع الصهاينة
العين برس / تقرير
منصور العلي
يواصل النظام السعودي “الانفتاح” على كيان الاحتلال الصهيوني، قبل الوصول الى لحظة الحقيقة المرتقبة والتي سيُعلن فيها الطرفان، السعودي والصهيوني، إخراج علاقتهما إلى العلن باحتفال رسمي، بعدما بقيت لسنوات طويلة في العتمة وخلف الأبواب الموصدة. الجديد في الأمر ما كشفه موقع “غلوبس” العبري، والذي قال إن النظام السعودي سيسمح للمستوطنين الصهاينة بقضاء الإجازة في جزيرتي تيران وصنافير. تيران وصنافير لترفيه الصهاينة “ستسمح السعودية للسياح الإسرائيليين بقضاء إجازة في جزيرتي تيران وصنافير، اللتين اشترتهما من مصر”.. هكذا كشف موقع “غلوبس” الذي قال إن النظام السعودي يعتزم تحويل الجزيرتين إلى مواقع سياحية مزدحمة، تشمل فنادق وكازينوهات. ولفت التقريرإلى أن النظام السعودي يعتزم بناء جسر بري يربط بين المملكة ومصر، سيسهل انتقال الإسرائيليين إلى الجزيرتين. وتشمل رؤية محمد بن سلمان تطوير المملكة وفتحها على العالم، عبر مشاريع سياحية ضخمة، بما في ذلك إقامة مشاريع على طول شواطئ البحر الأحمر حتى خليج إيلات. وتم إبرام صفقة بيع جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى النظام السعودي في عام 2016، كجزء من عملية تحديد الحدود البحرية المتنازع عليها بين البلدين، رغم المعارضة المصرية، التي تقول إن الجزر التي أعادتا الكيان الصهيوني إلى مصر في اتفاقيات السلام تعتبر أرضا مصرية مقدّسة. وأثار توقيع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع النظام السعودي، التي انتقلت بموجبها تبعية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إلى المملكة، غضبا شعبيا واسعا، وخرجت وقتها مظاهرات منددة بالاتفاقية واعتبرتها تفريطا في أرض مصرية. موقع الجزيرتين وطالب الكيان الصهيوني ألا يكون نقل ملكية الجزر مخالفة لاتفاقية السلام التي نصت على تفكيكها، وأن تعمل فيها قوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، حيث يخشى الصهاينة من أن نقل ملكية الجزيرتين إلى سيطرة السعودية على المخرج من خليج إيلات، لذلك أرادوا التأكد من أن حركة المرور الإسرائيلية على طرق التجارة لن تتضرر. وتبعد جزيرتا تيران وصنافير عن بعضهما بمسافة نحو 4 كيلومترات في مياه البحر الأحمر، وتتحكم الجزيرتان في مدخل خليج العقبة، وميناءي العقبة في الأردن، وإيلات في فلسطين المحتلة. وتقع جزيرة تيران عند مدخل خليج العقبة، على امتدادٍ مائي يتسم بأهمية استراتيجية يطلق عليه “مضيق تيران”، وهو طريق إسرائيل لدخول البحر الأحمر. وطرحت هذه القضية في التقاضي بين الدول المشاركة في الصفقة، بما في ذلك أثناء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة الصيف الماضي. رغبة سعودية في التقرّب من الصهاينة وفي هذه المرحلة، تبحث مصر عن دور ولو جزئي على الجزر، بهدف الحفاظ على اتفاقيات السلام وإعطاء الإسرائيليين فرصة للقاء داخلها. ومع انتخاب بنيامين نتنياهو رئيساً للوزراء، تجددت الاتصالات بين الأطراف فيما يتعلق بالفائدة على السياح الإسرائيليين، وفقا لـ”غلوبس”. وبالتالي، سيتمكن حاملو جوازات السفر الإسرائيلية الذين يصلون من طابا أو شرم الشيخ من قضاء بعض الوقت في الفنادق والكازينوهات التي تديرها الشركات السعودية. وجزيرة تيران أقرب الجزيرتين إلى الساحل المصري، إذ تقع على بُعد 6 كيلومترات عن منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر. ونقل موقع “غلوبس”، عن مصادر سياسية مطلعة قولها إن فتح جزيرتي تيران وصنافير أمام السياح الإسرائيليين يشير إلى رغبة النظام السعودي في تعزيز خطوات أقرب إلى الكيان الصهيوني. ومع ذلك، فإن هذه الرؤية ستتم بشكل تدريجي وفي أماكن ليس لها أهمية سياسية بعيدة المدى. وأضافت المصادر: “ستكون الخطوات بوتيرة بطيئة، لكن الاختراق الحقيقي لم يتحقق بعد”. وتابعت: “الأمور بحاجة إلى الهدوء قليلاً، وسنرى إلى أين تتجه حكومة نتنياهو، لكن في النهاية من مصلحة جميع الدول المعنية التوصل إلى اتفاق كامل”. ومنذ توقيع اتفاقيات تطبيع مع الإمارات والبحرين، يبذل نتنياهو جهودا للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية، قبل أن يعرب عن تفائله للتوصل إلى اتفاق مع النظام السعودي قريبا. ولا توجد علاقات دبلوماسية أو تجارية “رسمية” بين كيان الاحتلال الصهيوني والنظام السعودي، كما لم تنضم المملكة لاتفاقيات “أبراهام” بعد، على الرغم من أنه يُعتقد أن لديهما روابط أمنية ودفاعية تستند إلى تحريضهما المشترك ضد إيران. ومؤخرا، تزايدت التقارير والمؤشرات حول استعداد النظام السعودي للدخول إلى حظيرة التطبيع مع دولة الاحتلال، حيث أشارت تقارير إلى أن بن سلمان لا يمانع من التطبيع مع الصهاينة. ولا يجد النظام السعودي حرجا في الانفتاح على الكيان الصهيوني، فكلما أثير هذا الموضوع يردد السعوديون أن التطبيع مرتبط بشرط التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية. ترحيب صهيوني في الأصل، لم يعترض كيان الاحتلال الصهيوني على نقل جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر من ملكية مصر إلى ملكية النظام السعودي، ووضعت الأمر كشرط مسبق لعملية التطبيع مع ابن سلمان. وفي يوليو من العام الماضي، أُعلن عن أن كاميرات يتم التحكم فيها عن بعد ستحل محل قوات حفظ السلام التي تقودها الولايات المتحدة لضمان استمرار حرية حركة الملاحة الدولية عبر خليج العقبة الذي تطل عليه مصر وفلسطين المحتلة و”السعودية” التي كانت قد تسلّمت في العام 2017 تسلمت جزيرة تيران، التي تقع في مدخل المضيق الذي يحمل نفس الاسم عند الطرف الجنوبي للخليج، من مصر إلى جانب جزيرة صنافير المجاورة. ومن المعلوم أن تركيز الكاميرات وتشغيلها يستلزم تنسيقا أمنيا بين كيان الاحتلال الصهيوني والنظام السعودي على الرغم أنهما لا يرتبطان بعلاقات رسمية. وفي حينه، قال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هرتزوج، إنه “من المهم لـ”إسرائيل”، في إطار هذه العملية، ألا يكون هناك مساس بالالتزام الذي حصلت عليه من مصر في إطار اتفاق السلام، وخاصة فيما يتعلق بحرية الملاحة”. وتحدثت تقارير إعلامية عبرية عن أنّ الاتفاق، الذي تم التوصّل إليه بوساطة أميركية ويسمح باستبدال قوات حفظ السلام المتمركزة في الجزيرتين بكاميرات مراقبة، ترافق مع تعهدات سعودية بضمان حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية في معبر تيران. وكشفت أن الولايات المتحدة قدمت ضمانات أمنية للكيان الصهيوني، ساعدت على قبولها الطلب السعودي بالاستغناء عن وجود قوات حفظ السلام في الجزيرتين، واستبدالها بالكاميرات، حرصا على مظهر النظام السعودي أمام الشعوب العربية والمسلمة، إذ لا يمكن تقبّل التنسيق الأمني المباشر على الأرض قبل التوصّل إلى اتفاقية تطبيع رسمية بين الرياض وتل أبيب. تحفظات مصرية مستجدة خلال الأيام القليلة الماضية طرأ مستجدّ من خارج التوقعات، تمثّل في ما أكّدته مصادر أميركية وإسرائيلية لموقع “أكسيوس” الأميركي، أعن نّ مصر أوقفت تنفيذ اتفاق “تيران وصنافير”، ما قد يعرقل مساراً تطبيعياً بين النظام السعودي والاحتلال الإسرائيلي بشأنهما. وقال 4 مسؤولين إسرائيليين ومصدر أميركي، إنّ “مصر أوقفت تنفيذ اتفاق بشأن جزيرتين استراتيجيتين في البحر الأحمر”. وأوضحت المصادر للموقع أنّ مصر “بدأت في الأسابيع الأخيرة في إبداء تحفظات، معظمها ذات طبيعة فنية، بما في ذلك بشأن تركيب كاميرات في الجزر التي كانت جزءاً من الاتفاق”، مشيرةً إلى أنه “من المفترض أن تراقب الكاميرات النشاط في تيران وصنافير، وكذلك في مضيق تيران”. وأكّد المسؤولون الإسرائيليون لموقع “أكسيوس” أنّ “الاتفاق، بما في ذلك انسحاب القوة متعددة الجنسيات من الجزر، لن يتمّ تنفيذه بحلول نهاية الشهر الجاري بسبب التحفظات المصرية”. وأضافوا إنّهم “يعتقدون أنّ مصر تعطّل الصفقة بسبب قضايا ثنائية بين الولايات المتحدة ومصر، بما في ذلك المساعدة العسكرية الأميركية”. وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، جمّدت مرتين سابقاً 10% من نحو 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تخصصها لمصر سنوياً، بدعوى مخاوف حقوق الإنسان. أهمية الجزيرتين بالنسبة لتل أبيب والرياض على الرغم من التحفظات المصرية المستجدة والمتعلقة بقضايا ثنائية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك المساعدة العسكرية الأميركية، لا يبدو أن “الصفقة ستتعطّل” نظراً لاستراتيجيتها بالنسبة لمستقبل العلاقت بين الكيان الصهيوني والنظام السعودي، والدور الأميركي في ذلك. فالصهاينة يفضّلون أن تكون الجزيرتان تحت السيطرة السعودية، لأن ذلك يهيّئ الظروف لاتفاقية التطبيع، التي تعدّها “إسرائيل” الأكبر والأكثر أهمية بالنسبة إليها. ومن جهة أخرى، تخشى تل أبيب من أيّ تحولات في النظام السياسي المصري أكثر من التحولات الممكنة في “السعودية”. ففي السابق، عندما هدّد الرئيس جمال عبد الناصر بإغلاق مضائق الجزيرتين، نشبت حرب عام 1957 بين مصر من جهة، وبريطانيا وفرنسا و”إسرائيل” من جهةٍ أخرى، بسبب أهميتهما الاستراتيجية. وكان قرار عبد الناصر، القاضي بإغلاق مضيق تيران، بمنزلة “إعلان حرب”، بالنسبة إلى “إسرائيل”. سعودياً، ستكون جزيرتا تيران وصنافير جزءاً من مشروع “نيوم”، الذي سيضم استثمارات تكنولوجية ضخمة، يشارك فيها كيان الاحتلال، بصورة مباشرة. ويراهن ابن سلمان على هذا المشروع لرفع مستويات التجارة، التي تمر عبر هذه المناطق. في الأصل، كانت المباركة الأميركية لتحرك القوات الدولية، والقبول المصري لنقل ملكية الجزيرتين، تصبّ في خانة الحماسة “السعودية الإسرائيلية” لمد جسور التطبيع وتقديم أعلى مستويات الطمأنة بشأن الملاحة البحرية إلى الكيان الصهيوني، وهي أولويات لم تتغيّر حتى، لا بالنسبة للوي العهد السعودي محمد ابن سلمان، ولا للرئيس المصري عبد افتاح السيسي، ولا للإدارة الأميركية، بصرف النظر عن هوية شاغل البيت الأبيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *