وسائل إعلام صينية تتحدّث عن التحديات الجديدة بين الصين والولايات المتحدة، لاسيما بعد قرار رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي زيارة تايوان رغم تهديدات بكين.
شبكة “CGTN” الصينية تنشر مقالاً للكاتب أنطوني موريتي يتحدث فيه عن التحديات التي لا تزال قائمة بين واشنطن وبكين بعد قرار رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي زيارة تايوان.
فيما يأتي نص المقال منقولاً إلى العربية:
أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأميركي جو بايدن محادثة هاتفية من عاصمتيهما هذا الأسبوع. هذه أخبار جيدة، ومع الاعتراف بالعلاقات الفاترة بين البلدين في السنوات الأخيرة، يتكشف أنّ الباب لا يزال مفتوحاً للقاء وجهاً لوجه بين القيادتين خلال اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا بعد نحو أربعة اشهر.
لكن غيوم العواصف لا تزال قائمة، وكلا الرجلين يعلمان أنّ أي تقدم في تحسين العلاقات يمكن أن يجرفه فرد معين يخدم نفسه بنفسه. وليس من المستغرب أن تكون تايوان في قلب محادثتهما التي استمرت قرابة ساعتين و 20 دقيقة. وأبلغ الرئيس شي الرئيس بايدن بعبارات واضحة أنّ الشعب الصيني “يحمي بحزم السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها” و”أولئك الذين يلعبون بالنار سوف يموتون بسببها”، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية. هذه ليست كلمات عدائية، بل إنّها تعكس موقف الصين الواضح بأنّ أي دولة تتدخل في العلاقات عبر المضيق تخاطر بمجموعة من الردود من بكين.
من جهته، أكد بايدن أنّ سياسة “صين واحدة” بالنسبة إلى الولايات المتحدة لم تتغير، ولن تتغير، وأنّ بلاده لا تدعم “استقلال تايوان”.
مع ذلك، يبدو أن الإجماع يواجه تحديات، إذ أعلنت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي نيتها القيام بزيارة لتايوان، في وقت ما في شهر آب/أغسطس المقبل، ما قد يلحق ضرراً كبيراً بالدبلوماسية الأميركية تجاه الصين، وربما يتمدّد نحو مجمل آسيا. على الرغم من أن الرئيس بايدن ورئيسة البرلمان بيلوسي ينتميان إلى الحزب الديمقراطي، إلا أنّه لا يملك سلطة الموافقة أو رفض أي سفر تريد القيام به.
لم تقل بيلوسي متى ستسافر إلى تايوان، كذلك لم توضح سبب اعتقادها أنّ مثل هذه الزيارة ضرورية. هل تريد أن تثبت أنّها مؤيدة قوية لتايوان، وأنها ليست خائفة من الصين؟ ربما،لكنها تستطيع فعل ذلك من واشنطن، أو من منزلها في كاليفورنيا، أم أنّها تريد أن يتصدّر خبر الزيارة المزعومة عناوين الصحف المحلية والدولية لتشتيت الانتباه عن الأخبار السلبية الأخيرة عن زوجها ونفسها؟
في شهر أيار/مايو الفائت، ألقي القبض على زوجها لقيادته في حالة سكر بعد اصطدام سيارته بسيارة أخرى. لحسن الحظ، لم يصب أحد في الحادث، لكن السيد بيلوسي اتهم بجنحتين. وبعد ذلك بوقت قصير، أجرى عملية شراء كبيرة للأسهم في شركة أشباه الموصلات في الوقت الذي وافق الكونغرس على دعم بقيمة 52 مليار دولار لهذه الصناعة. وقد حاول مكتب السيدة بيلوسي صرف النظر عن أي انتقاد للصفقة، وزعم أنها لا تملك أي أسهم، ولا يمكنها تقديم النصح لافراد أسرتها في مجالات الاستثمار.
لم تقنع الحجة الضعيفة منتقديها، الذين أرادوا معرفة ما إذا كان قد تم انتهاك أي قوانين اتحادية للتداول الاستثماري من داخل المؤسسة السياسية. وفي حال أستعاد “الحزب الجمهوري” الأغلبية في مجلس النواب هذا العام، فإنّهم سيستمرون في الضغط على بيلوسي، للحصول على مزيد من المعلومات بشأن عملية شراء الأسهم تلك. وستكون مثيرة حينها جلسات أستجواب رئيسة مجلس النواب الأميركي “السابقة”، بشأن سلوكياتها المهنية والشخصية، في وقت تستمر الضغوط التضخمية والاقتصادية الأخرى في ملاحقة الأميركيين. ولن يكون هذا موقع جيد لبيلوسي أو لحزبها.
يُذكر أنّ الرئيسين كلفا أعضاء في إدارتيهما بمواصلة التنسيق في “معالجة تغير المناخ، والأمن الصحي”. كذلك، أوضح البيان التفصيلي لوزارة الخارجية الصينية أنّ التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي كانت في صلب المحادثة بين الرئيسين. وشدد الرئيس شي على حاجة الصين والولايات المتحدة إلى الحفاظ على التواصل بشأن قضايا مهمة، مثل تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي، والحفاظ على استقرار الصناعة وسلاسل التوريد العالمية، وحماية الطاقة والغذاء العالميين.
الاقتصاد الأميركي في ورطة حقيقية. في الأسبوع الماضي، أفادت وزارة التجارة الأميركية بأنّ اقتصاد البلاد انكمش بنسبة 0.9% في الربع الثاني من هذا العام، بعد تراجع بنسبة 1.6% في ربع السنة الأول. وعليه، تعتبر الولايات المتحدة في حالة ركود بعد الإبلاغ عن أرباع متتالية من النمو السلبي، في ظل تباطؤ للإنفاق الاستهلاكي، إذ اشترى الأميركيون عدداً أقل من السلع، وانخفض الاستثمار التجاري، وتراجعت مستويات التخزين، ما أدى إلى خفض نقطتين مئويتين من الناتج المحلي الإجمالي، وإلى استمرار تراجع ثقة الأميركيين في اقتصادهم. هذا كلّه يبدد الدهشة من تقدم الجمهوريين لاستعادة السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات التجديد النصفي لشهر تشرين الثاني/نوفمبر.
الصين لا تخادع عندما تقول أنّ الاقتصاد الأميركي بحاجة إلى دفع تدعمه سياسات دولية غير طائشة.
حتى اللحظة، لم يصدر عن بيلوسي “الأنانية” أي شيء علناً للإشارة إلى أنّها ستتراجع عن زيارة دولية من شأنها أن تلحق ألمًا غير ضروري بحزبها و بلادها. أي زيارة لتايوان ستعيق علاقة الرئيس بايدن بالرئيس شي، وستؤثر سلباً في مجالات واسعة أخرى بين البلدين، وستزيد من التوترات عبر مضيق تايوان. بالطبع، إنّها ذكية بما يكفي لتدرك كل تلك المخاطر، لكن هل تهتم؟
المصدر: الميادين