انسحاب بحري أميركي لافت من المتوسط وتطويق للصين!
العين برس / مقالات وتحليلات
عبد الله محمد
مع وصول الانتشار العسكري الأميركي في بحر الصين الجنوبي إلى ذروته في الأسابيع القليلة الماضية، وارتفاع احتمال نشوب مواجهة عسكرية في تايوان، فإنّ افتقاد البحرية الأميركية إلى القدرة على شنّ هجمات برمائية في أكثر من منطقة عمليات حول العالم.
تفحص البحرية الأميركية، منذ أشهر، جهوزية قواتها خاصة لناحية احتمال اندلاع حرب في شرق آسيا على خلفية قضية تايوان.
وفي هذا السياق، أعلن قائد مشاة البحرية ديفد بيرغر إنّ قواته تعاني من نقص في المعدات والأفراد والموارد “ما يعني أن مجموعة قتالية برمائية واحدة فقط جاهزة للإنتشار” حالياً في منطقة واحدة من العالم.
وتسعى قيادة البحرية إلى رفع جهوزية ثلاث مجموعات برمائية لتكون قادرة على مساندة 3 قيادات عسكرية أميركية، حول العالم، لكن الإدارات الرسمية الأميركية تعاني منذ جائحة “كوفيد 19″، من أزمة كبيرة بسبب نقص الموظفين والهبوط العام في الأداء في كافة الدوائر الحكومية.
ومع وصول الانتشار العسكري الأميركي في بحر الصين الجنوبي إلى ذروته في الأسابيع القليلة الماضية، وارتفاع احتمال نشوب مواجهة عسكرية في تايوان، فإنّ افتقاد البحرية الأميركية إلى القدرة على شنّ هجمات برمائية في أكثر من منطقة عمليات حول العالم، يعني عملياً وجود أزمة حقيقية بالنسبة للجيش الأميركي.
وطوال الأشهر القليلة الماضية، زادت الولايات المتحدة من عدد قواعدها العسكرية في محيط بحر الصين، لتبلغ تسع قواعد، كما عززت واشنطن من التدريبات العسكرية مع حلفائها في المنطقة في ظلّ حضور قياسي للمدمرات والقطع البحرية الأميركية.
وبدأ العمل سريعاً على إنشاء أربع قواعد عسكرية أميركية في جزر فيليبينية مواجهة لتايوان، على أن تخدم القواعد الجديدة الإمداد اللوجيستي في أي صراع محتمل مع الصين.
ويبدو أنّ الخطوات الأميركية في غرب المحيط الهادئ عامةً تخضع لنظرية أميركية منذ مطلع الخمسينيات في القرن الماضي، حين وضعت وكالة الاستخبارات المركزية تصوراً لتطويق الصين بقواعد بحرية.
ولهذا السبب، أعادت الولايات المتحدة تعزيز أواصر تحالفها مع الفيليبين التي تحظى بأهمية استراتيجية لتنفيذ الرؤية الأميركية، حيث تُعتبر الفليبين السلسلة الأولى من حلقة تطويق الصين بحراً.
غير أنّ التحالف الأميركي المتين مع اليابان، السلسلة الأخرى في استراتيجية حصار الصين، من شأنه أن يُثير قلق روسيا أيضاً، ما سيؤدي إلى رسم التحالفات في تلك المنطقة من العالم على غير ما تشتهي واشنطن.
وخلال الأسبوع المنصرم، رست حاملة الطائرات العاملة بالوقود النووي “يو أس أس ريغان” في ميناء “يوكوسوكا” الياباني، في حين قاد تشكيل هجومي بحري أميركي مكوّن من 3 قطع ضخمة تدريبات مشتركة مع البحرية التايلندية.
ويتبع التشكيل المذكور لمجموعة حاملة الطائرات النووية الثانية في الأسطول الأميركي “يو أس أس نيميتز” التي تتواجد في بحر الصين قبالة سواحل تايلند.
وتحمل “نيميتز” على متنها 9 أسراب من المقاتلات الهجومية وطائرات الإنذار المبكر والهجوم الالكتروني فضلاً عن سربين من المروحيات القتالية.
وتتجه قطع النقل البرمائية العملاقة “يو أس أس ماكين” نحو المحيط الهادئ أيضاً بهدف دعم العمليات بالقرب من بحر الصين الجنوبي. وتحمل “ماكين” سرباً من المروحيات الهجومية وطائرات استطلاع استراتيجي وسرب من الطائرات البرمائي وسرب من المقاتلات الجوية بالإضافة إلى قوة مشتركة من مشاة البحرية ولواء المشاة الثالث.
إلى ذلك، كان لافتاً في نشاط البحرية الأميركية هذا الأسبوع، خروج حاملة الطائرات “يو أس أس جورج بوش” من نطاق عمليات الأسطول السادس بعد انتشار استمر لثمانية أشهر؛ وهي مدة استثنائية في العادة حيث تستمر مهمة حاملة الطائرات نحو 6 أشهر في الأحوال الروتينية.
ولطالما أشار الإعلام إلى تمديد مهلة الحاملة في المتوسط على أنّه رسالة إلى روسيا في حربها في أوكرانيا وإلى إيران.
وتُعدّ هذه المرة الأولى، التي تخلي فيها البحرية الأميركية البحر المتوسط من أي مجموعة ضاربة منذ كانون الأول/ديسمبر 2021.
ووفق التشكيل أعلاه، تكون القطع الهجومية الأميركية المنتشرة حالياً خارج القواعد الأم عند السواحل الأميركية متواجدة بأسرها، في المحيطين الهادئ والهندي، وتحديداً قُبالة سواحل جنوب شرق آسيا، في حين تقوم مجموعتين برمائيتين بعمليات استكشافية روتينية في المحيط الأطلسي، عند السواحل الشرقية للولايات المتحدة.