وضَعَ قائدُ الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، النقاطَ على الحروف، فيما يتعلق بموقف تحالف العدوان ورعاته في المرحلة الراهنة وتداعيات هذا الموقف، موصِدًا البابَ أمام كُـلّ محاولاتهم ومساعيهم؛ للالتفاف على مطالب الشعب اليمني والتزامات السلام، من خلال رسائل وتحذيرات صريحة ومباشرة أعاد فيها وضعهم في مواجهة الكلفة الثقيلة لاستمرار معاناة الشعب اليمني، وعواقب تجاهل محدّدات الموقف الوطني الثابت المستند على قوة وصلابة المشروع القرآني التحرّري الذي يقهر كُـلّ التحديات.
السعوديّة تتحَرّك في الهامش المسموح به أمريكياً:
وفي خطابه الجديد، بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين، تناول قائد الثورة تفاصيل المرحلة الراهنة من المواجهة مع العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، بشكل صريح أزال كُـلّ التشويشات الإعلامية التي حاول العدوُّ وضعَها أمام الرأي العام خلال الأشهر الماضية.
وكمدخل لتوضيح هذه التفاصيل، حرص القائد على توضيح طبيعة الموقف السعوديّ من المِلف اليمني، حَيثُ بين أن لجوءَ السعوديّة إلى التهدئة، جاء ضمن “هامش” تحَرّكات سمحت بها الولايات المتحدة الأمريكية لعملائها في المنطقة، بعد فشلها في الحسم، مؤكّـداً أن “الموقف السعوديّ والإماراتي لم يتجاوز حتى الآن مربع التوجّـهات الأمريكية والبريطانية”.
ويأتي إعلانُ هذه القراءة من جانب القائد، في إطار تقديم معاييرَ ثابتة للجميع؛ مِن أجل إغلاقِ المجال أمام أية محاولات من جانب الأعداء لرسم صورة مغايرة عن الواقع، كما حصل خلال الأشهر الماضية، حَيثُ أكثرت دول العدوان ورعاتها من الحديث عن دعمها لجهود السلام في اليمن، في الوقت الذي واصلت فيه المماطلة في تنفيذ الالتزامات والمطالب المشروعة؛ الأمر الذي كشف بوضوح عدم وجود نوايا صادقة للتوجّـه نحو الحل.
وفي هذا السياق، أوضح القائد أن الأمريكيين والبريطانيين يسعون لعدم تحقّق السلام الحقيقي الذي يتضمن تنفيذ الاستحقاقات العادلة للشعب اليمني، ويريدون استمرار الحرب والحصار، وحرمان الشعب اليمني من ثرواته الوطنية، والسيطرة على الجزر والمياه الإقليمية، وأن المجال متاح أمام السعوديّة والإمارات للخروج من هذا المربع، من خلال المحدّدات الأَسَاسية المتمثلة في: “وقف العدوان وإنهاء الحصار والاحتلال ومعالجة ملفات الأسرى والتعويض والإعمار”، خُصُوصاً بعد أن تبينت لهما حقيقة فشل العدوان وعدم تحقّق أهدافه.
وبناءً على هذه الحقائق، وضع قائد الثورة التقييمَ العام لمرحلة التهدئة منذ بدايتها إلى الآن؛ إذ أكّـد أن “حالة العدوان مُستمرّة بكل أشكالها، وما تم تخفيفُ التصعيد في بعض الجوانب لتستمر المؤامرات بأشكال متعددة”؛ وهو ما يعني بوضوح أن تحالفَ العدوان ورعاته لجأوا إلى خفض التصعيد كتكتيكٍ عدواني، وليس كتوجُّـهٍ نحو السلام.
وسلَّطَ قائدُ الثورة الضوءَ على العديد من معطيات هذا التقييم، ومنها العوائقُ التي وضعها العدوُّ أمام جهود السلام التي رعتها الوساطة العُمانية، حَيثُ أكّـد أنه “ما أن بدأت المساعي العُمانيةُ بالوصول إلى بوادرِ حلولٍ معينة، جاء السعوديّ ليتحدَّثَ عن نفسه كوسيط” واصفًا هذا الموقف بأنه “نكتةٌ”؛ لأَنَّ “العالم كله يعرف أن الذي أعلن نفسَه قائدًا للتحالف في الحرب على بلدنا هو السعوديّ”.
استمرارُ الاستهداف يعني استمرارَ التصدي:
وفي ظل ما يكشفه هذا الموقف من التزام بالتوجّـه الأمريكي البريطاني الرافض للسلام، وجَّهَ قائد الثورة جملةَ رسائلَ مباشرةٍ وجوهريةٍ حول الموقف الوطني، بالشكل الذي يضع دول العدوان ورعاتها أمام مسؤولية خياراتهم وما يترتب عليها من تداعيات.
من تلك الرسائل، رسالةٌ عامةٌ وجّهها القائد لكافة أطراف العدوّ و”للعالم بأكمله” بأنَّ “استمرار حالة الاستهداف لبلدنا معناه أن الاستمرار في التصدي لهذا العدوان ولمؤامرته بكل ما نملك” وأنه “لا يمكن أن لأحدٍ أن يبرّرَ استمرارَ الحصار والاحتلال والتمنع عن الخروج الصحيح من العدوان على بلدنا”؛ وهو ما يعني باختصار أن إصرارَ العدوّ على موقفه الراهن سيقودُ إلى تحَرّك وطني مضاد على كُـلّ المستويات، وأن أية محاولة لإطالة أَمَدِ الوضع الراهن تحت أية مبرّرات لا قيمة لها؛ لأَنَّه لا يمكنُ السماحُ للعدو بفرضِ حالة لا حرب ولا سلام.
وفي هذا السياق أَيْـضاً، جدد قائد الثورة التأكيد على أن الفرصةَ التي تم إعطاؤها لجهود الوسطاء العمانيين “لن تستمر إلى ما لا نهاية، في الوقت الذي يظن فيه الآخرون أنهم يكسبون الوقتَ لتنفيذ المؤامرات”؛ وهو تأكيدٌ إضافي على أن نوايا العدوان فيما يتعلق بالتهدئة لا تتضمن أيَّ توجّـه نحو السلام، بل المزيد من المؤامرات العدوانية.
وتعزيزاً لهذه الرسالة، أكّـد قائد الثورة أن “الأعداء سيدركون عاقبتهم السيئة ورهاناتهم الخاطئة كما كانت في السنوات الماضية”، في تأكيد على أن دول العدوان ورعاتها يرتكبون نفس الخطأ الذي وقعوا فيه عدة مرات، وهو سوء تقدير موقف صنعاء وقوتها.
لا أمنَ للسعوديّة إلا بالسلام العادل في اليمن:
ووجّه قائدُ الثورة رسائلَ خَاصَّةً للسعوديّة التي حاولت استثمارَ جهود السلام بشكل سلبي؛ لترويج دعايات إيجابية وهمية عن نفسها، وزعمت في وسائل إعلامها أن اللجوءَ إلى التهدئة في اليمن كان قرارًا مستقِلًّا لا علاقة لأمريكا به، حَيثُ قال السيد القائد إن على الرياض أن تثبت هذه الاستقلالية المزعومة، من خلال “التعامل بإنصاف” وتنفيذ استحقاقات ومطالب السلام!
وأتبع القائدُ هذا الاختبارَ -الذي بات واضحًا أن السعوديّة لا تريد خوضَه أصلًا- بتحذيرٍ قوي أكّـد فيه أنه “لا يمكن للسعوديّة أن تجلبَ السلام والأمن والاستقرار لنفسها ولتحقيق طموحاتها الاقتصادية إلا بسلامِ الشعب اليمني ورفع الحصار عنه”؛ وهو ما يعني بوضوح أن المخاطر التي تهدّد أمنَ واستقرار واقتصاد النظام السعوديّ لا زالت قائمة.
وتابع القائد في السياق نفسه أنه: “إذا تصور الآخرون أنهم سيكونون بمنأًى عن آثار وتبعات عدوانهم وحصارهم فهم واهمون” مؤكّـداً أن: “حجمَ معاناة شعبنا وحرمانه من ثرواته لا يمكن أن يستمرَّ دون حساب، وهذه السياسةُ في التعامل مع بلدنا لا يمكنُ القبولُ بها”.
ويشير هذا المستوى من التحذير والإنذار إلى وجود معادلات استراتيجية مدروسة؛ لوضع حَــدٍّ لمسار مماطلات ومراوغات العدوّ الذي بات عليه أن يتدارك موقفه سريعًا قبل فوات الأوان.
سنحمي كُـلَّ الثروات السيادية عسكرياً:
وتطرق قائد الثورة في رسائله وتحذيرات إلى تحَرّكات الأعداء في المحافظات والمناطق المحتلّة، حَيثُ أكّـد أنه سيتم “اتِّخاذ الإجراء العسكري أمامَ كُـلّ محاولة لنهب ثروات شعبنا في أية محافظة من محافظات اليمن”.
وأعلن معادلة حماية الثروات “لن تقتصر على النفط والغاز، بل ستشمل كُـلّ الثروات السيادية، ومنها المعادن” مؤكّـداً أن “أية عقود مع المرتزِقة والخوَنة لا تمثّل شيئاً وهي غير قانونية ولا اعتبار لها”.
ويَرُدُّ هذا الإعلانُ بصرامةٍ على كُـلّ محاولات الأعداء للضغط على صنعاء؛ مِن أجل السماح للعدو ومرتزِقته بنهب الثروات الوطنية، وهي المحاولات التي جدّد الأعداء التعبيرَ عنها بشكل واضح خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة.
ويمثل الإعلانُ عن توسيع نطاق معادلة حماية الثروات تأكيدًا على الرسائل السابقة، التي أوضح القائد في جملتها على أن صنعاء لن تقفَ مكتوفة اليدين أمام استمرار الاستهداف للبلد والتمنع عن تنفيذ وتلبية مطالب واستحقاقات الشعب اليمني.
لا قيمةَ لأية إجراءات ضمن مؤامرات الاحتلال:
وفي سياق متصل، وجّه قائد الثورة رسالةً صارمةً للعدو ومرتزِقته بشأن تحَرّكاتهم المشبوهة في المحافظات المحتلّة، ومنها إعلان واتِّخاذ إجراءات تصعيدية تستهدف وحدة الأراضي اليمنية، حَيثُ أكّـد القائد أنه “لا يمكن القبول بأية إجراءات في ظل مؤامرات الأعداء التي يتآمرون بها على أبناء بلدنا” منبِّهًا إلى أن “الوضع الراهن هو وضعُ عدوانٍ، وفي المحافظات المحتلّة هناك احتلال، ومن يأتي في ظل المعتدي المحتلّ ليرفعَ صوتَه فلا قيمة له”.
وَأَضَـافَ أن: “من يرفع صوته حين يرفعَه المحتلّ تصبح مسألتُه مسألةَ تحَرّك في إطار ما يريدُه المحتلّ وليس تحَرُّكًا مسؤولًا؛ مِن أجل شعبنا” وَ”ما يُعمل في إطار مؤامرات المحتلّ المعتدي الأجنبي لا قيمةَ له وليس موقفًا حُرًّا ومسؤولًا، ونحن نتعامَلُ معه على هذا الأَسَاس”.
وذكّر بأن كُـلّ أطراف المرتزِقة والخونة لا تملكُ أيَّ قرار، بما في ذلك قياداتها العليا التي تخضعُ لأوامر ضباط مخابرات السعوديّة والإمارات، فضلًا عن الأمريكيين والبريطانيين.
المشروعُ القرآني اليومَ أقوى:
وتعزيزًا لكل الرسائل والتأكيدات السابقة، اختتم قائدُ الثورة خطابه التاريخي، بدعوة الشعب اليمني إلى “مواصلة الجهود في التصدي للعدوان والجهوزية لكل الاحتمالات في أية لحظة وأي وقت”.
وأكّـد أن المشروعَ القرآنيَّ التحرُّريَّ الذي يستند عليه الموقفُ الوطني من كُـلّ القضايا “أصبح أقوى من أية مرحلة مضت، برغم حجم الاستهداف الذي تعرض له منذ البداية”، وأن عنوانَ هذا المشروع المتمثل بالصرخة في وجه المستكبرين كانَ وسيظلُّ حاضرًا في كُـلّ المواقف المبدئية التي لم ولن تتزعزع بالترغيب ولا بالترهيب.
صحيفة المسيرة