متجاهِلاً تحذيراتِ وإنذاراتِ صنعاء، يواصلُ تحالُفُ العدوانِ الأمريكي السعوديّ الإماراتي انتهاكَ السيادة اليمنية من خلال توسيع تواجده العسكري في الجزر المحتلّة في إطار مساعيه للهيمنة على المياه الإقليمية للبلد والسيطرة على الممرات المائية في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يسهِمَ في الدفع نحو تصعيد جديد، خُصُوصاً وأن صنعاء قد حرصت خلال الفترة الماضية على توجيه رسائل تحذيرية مهمة بشأن استعدادها لخوص معركة فرض السيادة في المياه الإقليمية وحماية الملاحة.
وأكّـدت صنعاء، السبت، أن تحالف العدوان يواصل انتهاك السيادة في جزيرة ميون، من خلال أعمال استيطانية توسعية واستحداث قواعد عسكرية، معتبرة ذلك “جريمة مشهودة على مرأى ومسمع المجتمع الدولي“.
ونقلت وكالة سبأ الرسمية عن مصدرٍ مسؤولٍ في السلطة الوطنية تحذيراً جديدًا لتحالف العدوان من عواقب الاستمرار في تصرفاته وسلوكياته العدوانية، كما طالب المصدرُ الأممَ المتحدة بإدانة هذه السلوكيات والعمل الجاد على إنهاء العدوان والحصار والاحتلال.
وكانت وزارةُ الثروة السمكية قد سلَّطت الضوءَ على ما يقوم به تحالف العدوان في جزيرة ميون، وكشفت أن الاحتلالَ الإماراتي يمارس انتهاكات وحشية مُستمرّة بحق الصيادين هناك، مشيرة إلى أن تلك الأعمال تأتي في إطار تحَرّكات العدوّ للسيطرة على مضيق باب المندب.
وبدأت مساعي تحالف العدوان للسيطرة على جزيرة ميون منذ سنوات؛ نظراً لموقعها الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب، والذي لا يخفي العدوّ ورعاته أطماعهم في السيطرة عليه بشكل كامل لاستخدامه كمنطقة نفوذ إقليمية ودولية.
السيطرةُ على حركة الشحن هدفٌ أَسَاسٌ للعدو
وفي مايو من العام 2021 نشرت وكالة “اسوشيتد برس” الأمريكية صوراً التقطتها الأقمار الصناعية، أظهرت أن الاحتلالَ الإماراتيَّ كان يقومُ آنذاك بأعمالٍ إنشائيةٍ لبناء قاعدة عسكرية جوية داخل الجزيرة؛ بهَدفِ تحويلها إلى مقر للسيطرة على الممر المائي.
ونقلت الوكالة آنذاك عن “جيريمي بيني”، محرِّرِ الشرق الأوسط في شركة جينس للمعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر، والذي تابع أعمالَ البناء في ميون لسنوات قوله: “إن ما يحدث له هدفٌ استراتيجيٌّ طويلُ المدى لتأسيس وجود دائم نسبيًّا“.
وَأَضَـافَ أن الأمر “لا يتعلقُ فقط بحرب اليمن؛ لأَنَّ حركة الشحن أمر أَسَاسي هنا”.
وقالت الوكالةُ: إن الإماراتِ بدأت بجهودِ وأعمالِ بناء هذه القاعدة منذ 2016، حَيثُ حاولت بناءَ مدرج يزيد طوله عن 3 كيلومترات، ما يسمح بتحَرّك أثقل القاذفاتِ عليه، مشيرة إلى أن “المدرج يسمحُ لمن يسيطرُ عليه بإبراز قوته في المضيق وشن غارات جوية بسهولة على البر الرئيسي لليمن، كما أنه يوفر قاعدةً لأية عمليات في البحر الأحمر وخليج عدن وشرق إفريقيا القريب“.
وأوضحت الوكالة آنذاك أن القاعدةَ الجوية، قد تكون “موضعَ اهتمام للقوات الأمريكية“، في إشارة واضحة إلى أن السيطرة على الجزيرة يرتبط بشكل مباشر بالمساعي الأمريكية الواضحة للهيمنة على الممرات المائية وخطوط الملاحة الدولية.
الخياراتُ مفتوحةٌ لوقف انتهاك السيادة
يشار إلى أن تحذيراتِ صنعاء لتحالف العدوان بشأن جزيرة ميون تأتي متوازيةً ومتزامنةً مع رسائلَ مكثّـفةٍ وُجِّهت على أكثر من مستوى، وأكّـدت في مجملها على أن القوات المسلحة باتت جاهزة لخوض معركة فرض السيادة على المياه الإقليمية اليمنية والتصدي للتواجد الأجنبي في الممرات الملاحية الدولية.
آخرُ هذه الرسائل وجّهها نائبُ رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، الفريق جلال الرويشان، الذي أعلن أن صنعاء تجهِّزُ لعقد مؤتمر وطني حول الأمن البحري، كخطوة في مسار فرض السيادة على المياه اليمنية وحماية خطوط الملاحة في المنطقة، وقد أكّـد الرويشان أن “خيارات صنعاء مفتوحة في هذا السياق” في ظل استمرار العدوان والحصار.
وكانت القواتُ المسلحة قد حَرِصَت بشكل ملحوظ خلال فترةِ الهُــدنة على تأكيدِ جُهُوزيتها لخوض المواجهة البحرية مع الأعداء في إطار معركة السيادة ومواجهة التهديدات التي يمثِّلُها التواجد العسكري الأجنبي في البحر الأحمر وقبالة السواحل اليمنية.
ولتعزيزِ هذه التأكيداتِ، كشفت القوات المسلحة عن عدة أسلحة بحرية استراتيجية لم تكن قد ظهرت إلى العَلَن من قبلُ، وذلك ضمن عرضٍ عسكري تاريخي شهدته مدينةُ الحديدة الساحلية التي أطلقت عليها القيادةُ الوطنية اسم “حارس البحر الأحمر” في رسالة كانت مقاصدها ومعانيها واضحة ومباشرة.
وفي ظل هذه المعطيات فَـإنَّ استمرارَ تحالف العدوان بالتواجد في جزيرة ميون قد يؤدي إلى تصعيد جديد ربما تضطر صنعاء للذهاب إليه لوضع حَــدٍّ لانتهاك السيادة الوطنية، خُصُوصاً وأن تحذيرات صنعاء دائماً ما تعقبها تأكيدات عملية.