العين برس / مقالات
عبدالرحمن الأهنومي
نكاد نقترب من تمام العام الثامن منذ شن تحالف العدوان بقيادة أمريكا الحرب الإجرامية التي رافقها حصار بري وبحري وجوي مشدد على الشعب اليمني، فإلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة يعترف العالم بأن اليمن يواجه أسوأ المجاعات في التاريخ المعاصر بسبب الحصار والحرب العدوانية، بل ويقول الأمين العام إن المجاعة في اليمن قد تكون هي الأسوأ في تاريخ البشرية.
تعمّد تحالف العدوان على اليمن منذ إعلان عن حربه العسكرية من واشنطن على اليمن في 26 مارس 2015، قصف المنشآت التجارية والبنى التحتية والمرافق الصحية ، فضلاً عن اتّباعه خطة ممنهجة في حصاره الجوي والبحري، وأحدث أسوأ المجاعات في التاريخ، حد وصف المنظمات الأممية.
دمَّر تحالف العدوان بنحو نصف مليون من الغارات والصواريخ والأسلحة الأمريكية والغربية اليمن بكامل بنيته التحتية ، فقصف المصانع ومخازن الغذاء والوقود ومحطات الكهرباء ومضخات المياه والمدارس والمستشفيات والمزارع ومصانع الأدوية وشبكات الطرق والجسور.. والقائمة طويلة.
فَرَضَ تحالف العدوان الحصار الجوي والبحري والبري الشامل على الشعب اليمني ، ومَنَعَ دخول السلع الأساسية والبضائع الضرورية والأغذية والأدوية والوقود عبر موانئ الحديدة، أوقف رحلات الطيران إلى مطار صنعاء، أجبر تحالف العدوان والحصار كافة المستوردين على استخدام وسائل نقل وطرق تفريغ أكثر كلفة لكميات ضئيلة يسمح بدخولها إلى اليمن بين حين وآخر، استمر تحالف العدوان في حجز وقرصنة سفن الوقود حتى مع إقرار الهدنة وقام بحظر الرحلات إلا إلى وجهة واحدة ، كل ذلك أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع الأساسية ، واتساع خارطة الجوع والفقر والمعاناة.
استخدم تحالف العدوان الأسلحة البيولوجية، وذلك واضح من التفشي الواسع للكوليرا وما أحدثته من ضحايا في كافة المحافظات اليمنية يقدر عددهم بأكثر من مائة ألف في الأعوام 2017 – 2020م، وقد سجل بعض الخبراء الدوليين شهادتهم في تقارير ومقالات تحدثوا فيها عن الأسلحة البيولوجية المستخدمة ضد الشعب اليمني ، وأوضحوا بخرائط وبيانات كيف انتشرت الكوليرا والدفتيريا جراء صواريخ جوية مسممة بالبكتيريا استهدفت مضخات المياه ، علاوة على تفشي أمراض التقزم وتشوهات الولادة وسرطانات الأطفال ومرضى الكلى والقلب وغيرها من الأوبئة المميتة التي عمل على نشرها تحالف العدوان بطرق مختلفة.
الحرب العدوانية على الشعب اليمني والحصار الظالم أحدث معاناة إنسانية مدمرة لحياة جميع اليمنيين، لا يمنع تحالف العدوان والحصار على اليمن دخول جميع البضائع والسلع والوقود والأدوية فحسب، بل ويمنع وصول المساعدات الإنسانية، ومع التوصل إلى الهدنة التي أقرت بعض الالتزامات على تحالف العدوان سمح تحالف العدوان بدخول سفن محددة من الوقود عبر ميناء الحديدة، ولكن بعد عمليات تفتيش وإجراءات وقرصنة وحجز مطولة إمعاناً في رفع تكاليف الاستيراد، وواصل حظر دخول البضائع والسلع نهائياً، وواصل إغلاق المطار إلا لوجهة واحدة ، ورفض مطلقاً صرف رواتب الموظفين.
الحرب العدوانية على الشعب اليمني لم تكن فقط بالغارات الجوية والصواريخ والقنابل التي استهدفت الأعراس والعزاء والمناسبات والمدارس والأسواق وحافلة مليئة بأطفال المدارس في ضحيان ، بل وبالتجويع والحصار ، ولهذا فإن على المتباهين الغربيين والبريطانيين بالهدنة وتضخيم إنجازاتها على اعتبار أنها خفضت من العمليات العسكرية أن يدركوا بأن الحصار والتجويع يهددان عشرين مليوناً وأكثر بالجوع والأمراض والأوبئة.
الدعوات العالمية والدولية التي صدرت خلال السنوات الماضية ونادت برفع الحصار واضحة؛ الحصار أحد جوانب الحرب المنحطة والبغيضة أخلاقيًّاً بشكل لا لبس فيه ، فهي مصنفة ضمن جرائم الحرب والإبادة تنص ملحقات جنيف على وجوب ملاحقة ومحاكمة مرتكبيها وبدءاً بالمسؤولين الأمريكيين والسعوديين يجب أن يقاد المجرمون إلى الاعتقالات والمحاكم ، الحصار والحرب العدوانية جعلت اليمن يعيش تحت وطأة أسوأ مجاعة إنسانية مدمرة في التاريخ، هذا ما تقوله الأمم المتحدة وغيرها ، كان المفترض تخفيف هذه المعاناة برفع الحصار بشكل كامل ، غير أن الدعوات والتصريحات لم تخفف الحصار ولم توقف أسوأ المجاعات في التاريخ.
إن تحالف العدوان سعى منذ اليوم الأول من خلال حرب التجويع والإبادة الشاملة على الشعب اليمني إلى تحقيق ربح استراتيجي من خلال إبادة ملايين اليمنيين الذين يعانون من الجوع والأوبئة علاوة على القصف والغارات ، وللأمر نفسه فإن استمرار الحصار يعد حرباً وعدواناً خطيراً له عواقبه الاقتصادية على دول تحالف العدوان.
ولهذا وذاك، فإن الحصارَ حربٌ أشد ، ورسالة الشعب اليمني يوم أمس الأول كانت واضحة في خروجه المليوني الكبير الذي شهدته صنعاء والمحافظات الحرة.. ولن يموت اليمنيون جياعاً وثمة مجرم طليق يحاصرهم..والله غالب على أمره.