بالتوازي مع الاحتجاجاتِ الغاضبةِ المتواصِلةِ في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال السعوديّ الإماراتي، حَمَّلَ فرعُ البنك المركزي اليمني في عدن المحتلّة الذي يسيطر عليه مرتزِقة العدوان، ما يسمى المجلس الرئاسي وحكومة الفنادق، مسؤولية تدهور العملة التي ناهزت حاجز 1500 ريال للدولار الواحد، وذلك في إطار تبادل تهم الفساد وانتهاجه كوسيلة للهروب من المسؤولية جراء الانهيار المعيشي المتصاعد.
وفي محاولة للتهرُّب، حمّل فرع مركزي عدن سلطات المرتزِقة المسؤولية، مطالباً بتوفير المناخ المناسب للاستقرار الاقتصادي، بما في ذلك إعادة تعبئة الموارد العامة للدولة وتخطيط إنفاقها واقتصار الإنفاق على ما يتوفر من موارد وتمويل غير تضخمي، في إشارةٍ إلى الفساد المستشري داخل حكومة الفنادق.
وفيما تناست سلطاتُ المرتزِقة القائمة على فرع مركَزي عدن ضلوعها في استمرار عمليات الصرف بشكل عبثي في ظل انعدام الإيرادات والمضاربة بالعملات الأجنبية، حاولت التغطيةَ على مسؤوليتها في هذا الجانب عبر مطالبتها لحكومة المرتزِقة “باحترام استقلاليته وعدم التدخل في شؤونه أَو التدخل في نطاق صلاحياته”.
وأشَارَ المرتزِقة القائمون على مركزي عدن إلى حجم تدخل دول العدوان وأدواتها المرتزِقة، مؤكّـداً أن تدخُّلَ حكومة المرتزِقة في إجراءات البنك مثّل “إرباكاً لإجراءات المركزي بالتعامل مع أية تجاوزات من قبل شركات الصرافة أَو القطاع البنكي بموجب أحكام القانون والمعايير والتقاليد المصرفية بعيدًا عن الإجراءات العشوائية التي لا تستند إلى أي أسس قانونية أَو معايير مصرفية أَو اقتصادية”، وهو ما يكشف حجم التعويل الكبير الذي يستند عليه المرتزِقة في اتِّخاذ فرع مركزي عدن كوسيلة للإثراء غير المشروع وتصعيد إجراءات الحرب الاقتصادية القاتلة من خلاله لإنهاك المواطنين بشكل أكبر؛ استجابة لرغبة أمريكا وبريطانيا التي وعدتا باتِّخاذ البنك بعد نقله والاقتصاد كوسيلة للضغط على الشعب اليمني لتطويعه للمخطّطات الاستعمارية.
وفي فضحية تكشف زيف ادِّعاءات دول العدوان ومرتزِقتها بشأن الحديث الزاعم بوجود إصلاحات اقتصادية، أشَارَت سلطات المرتزِقة القائمة على فرع مركزي عدن إلى تجاهل دول الاحتلال لما يحدث من انهيار اقتصادي غير مسبوق في المحافظات الجنوبية، مبينة أن السعوديّة ورغم إعلانها عن وديعة مالية لفرع مركزي عدن، إلا أن ذلك الإعلانَ كان مُجَـرّد خبر إعلامي فقط؛ وهو ما يؤكّـدُ في الجانب الآخر مدى تمسك السعوديّة والإمارات ومن فوقهما بريطانيا وأمريكا، بخيار تدمير الاقتصاد لإنهاك المواطنين أكثر ومضاعفة حجم معاناتهم، بحيث يتم إخضاعُهم لأية إملاءات استعمارية.
وفيما تأتي هذه الاتّهاماتُ في سياق محاولات المرتزِقة القائمين على فرع مركَزي عدن للهروب من موجة الغضب الشعبيّة، إلا أنها تأتي في وقتٍ يواصل مرتزِقة العدوان تهريبِ أموال ضخمة من العملة الأجنبية الصعبة من عدن المحتلّة إلى خارج البلد.
وقالت مصادر إعلامية، أمس الجمعة: “إن عدنَ المحتلّةَ شهدت الأيّامَ الماضية، عملياتِ تهريب واسعة للعملات الصعبة، مبينة أن قيادات في ما يسمى الرئاسي وحكومة المرتزِقة والانتقالي، نقلت ملايين الدولارات من البنوك والمصارف المحلية إلى بنوك خارجية”، في تأكيد جديد على أن مرتزِقة العدوان ينفذون أجندات سعوديّة إماراتية أمريكية بريطانية لتوجيه المزيد من الضربات للاقتصاد.
نتائجُ تثبتُ صوابية الموقف الوطني:
ويؤكّـدُ الانهيارُ الاقتصادي والمعيشي المتواصل في المناطق المحتلّة، مصاديق ما حذّرت منه السلطة الوطنية في صنعاء، عبر المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني واللجنة الاقتصادية العليا، والتي دعت في وقت مبكر للحد من خطورة السياسات الاقتصادية المدمّـرة التي ينتهجها العدوان ومرتزِقته.
ومع سبق التحذيرات الوطنية من مغبة الاستمرار في الطباعة المفرطة للعملات المحلية دون غطاء، وصلت حكومةُ المرتزِقة إلى طريقٍ مظلم وأوصلوا الشعب في المناطق المحتلّة إلى حافة المجاعة والانهيار المعيشي والخدمي الشامل؛ وذلك بفعل إصرارها على السير وراء التوجيهات الأمريكية البريطانية في الجانب الاقتصادي، والتي كانت من ضمن تلك التوجيهات الإفراط في طباعة العُملة، بحيث تنهار قيمتها أمام العملات الأجنبية ومعها يحدث الانفجار في أسعار السلع والمواد الأَسَاسية؛ وهو ما يشكِّلُ عاملًا آخرَ لإثقال كاهل المواطنين في المناطق المحتلّة.
وهو الهدفُ الذي تنشُدُه أمريكا وبريطانيا؛ لإنهاك الشعب وإشغالهم بالبحث عن سبل العيش وسط قيام دول العدوان بقيادة أمريكا وبريطانيا بتمرير أجندتهم الاستعمارية المشبوهة.
وبما أن الانهيارَ الاقتصادي والمعيشي يتصاعدُ في عدن وباقي المناطق والمحافظات المحتلّة، فَـإنَّ انهيار العملة المحلية هناك يعيد للواجهة ما توعد به السفير الأمريكي خلال مفاوضات الكويت في العام 2016م، والذي ساوم الطرف الوطني على التوقيع على وثيقة مضمونها الاستسلام، وإلا فَـإنَّ البديلَ لذلك هو نقلُ البنك المركزي وجعل قيمة العملة لا تساوي تكلفةَ الحبر والورق المستغرق لطباعتها؛ وهو ما حدث فعلاً بعدها بأيام عندما تم نقل البنك والبدء في عمليات تدمير الاقتصاد عبر الطباعة المفرطة للأوراق النقدية دون غطاء.
وبالنظر إلى الطباعة المفرطة للأوراق النقدية والتي فاقت ما تم طباعته طيلة ثلاثة عقود بحسب اعترافات سلطات المرتزِقة، فَـإنَّ الانهيار في قيمة العملة مقابل النقد الأجنبي يؤكّـد أن قرار الطباعة المفرطة دون غطاء هو قرار أمريكي بريطاني بامتيَاز، وذلك لتحقيق واشنطن لرغبتها وهدفها ومؤامراتها ضد الشعب اليمني وفق ما توعدت به على لسان سفيرها في مفاوضات الكويت.
وبالنظر للمعطيات الراهنة على المسار الاقتصادي في المحافظات المحتلّة، فَـإنَّه من الظاهر للجميع أن أمريكا وبريطانيا ما تزالان متمسكتان بتدمير الاقتصاد والعملة كوسيلةٍ لتطويع الشعب وإنهاك المواطنين، حَيثُ أعلن سفراء ومسؤولو واشنطن ولندن، خلال الفترات الماضية، دعمهما الكامل للسياسات الاقتصادية المدمّـرة التي يتبناها المرتزِقة ويديرُها رعاتُهم في الرياض وأبو ظبي، ويوعز لهما من فوقهما الأمريكي والبريطاني، على الرغم من أن الأحداثَ والمتغيرات والمستجدات أثبتت كارثيةَ تلك السياسات، والتي من بينها استمرار طباعة الأوراق النقدية دون غطاء ونهب الثروات النفطية والغازية والمعدنية التي تدر ملايين الدولارات؛ ليتأكّـد للجميع أن دعمَ لندن وواشنطن لهذه السياسات هدفُه إلحاقُ المزيد من الأضرار والمعاناة بالمواطنين في المناطق المحتلّة بصورة عامة، والشعب في عموم اليمن بشكل عام.
وما يؤكّـد أن دولَ العدوان بقيادةِ أمريكا وبريطانيا تديرُ الحربَ الاقتصادية وتهندسُ لمزيد من الانهيار، هو الترويجُ الكاذبُ للودائع المالية السعوديّة، والإعلان السعوديّ الضمني باستحالة إيداع أية مبالغ مالية لدى فرع مركزي عدن، فضلاً عن ضلوع الرياض في نهب الودائع السابقة بعد استخدامها كهالة إعلامية وَأَيْـضاً استخدامها في ضرب الاقتصاد عبر مضاعفة فوائد القروض التي تودعها لدى المرتزِقة ثم تشرف على نهبها من بين أيديهم وإعطائهم الفتات مقابل تبني السياسات الاقتصادية المدمّـرة.
كما أن إصرارَ دول العدوان -بقيادة أمريكا وبريطانيا- على اللجوء للقروض الدولية ونهب حقوق السحب الدولية الخَاصَّة بالجمهورية اليمنية لمضاعفة الديون والفوائد على اليمنيين، يؤكّـد من جانب مدى تمسك واشنطن ولندن بتدمير الاقتصاد وإنهاك المواطنين؛ نظراً لأَنَّ هذه السياسة باتت الاستراتيجية التي تدير بها أمريكا المناطق التي تحتلُّها في المناطق العربية والإسلامية، حَيثُ تدير تلك الشعوبَ والمناطقَ بسياسة التجويع والصراعات، كي يتم إشغال المواطنين عن المخطّطات الاستعمارية، ويتم العملُ على تطويعهم للقبول والخضوع للإملاءات التي تأتي بها.
ومن خلال كُـلّ ذلك، يتأكّـد للجميع صوابيةَ الموقف الوطني الذي حَذَّرَ مبكراً من كُـلّ هذه المخطّطات؛ وهو ما يتحتم اليوم أكثرَ من أي وقت مضى على كُـلّ مواطن في المناطق المحتلّة، العملَ وفق الموجهات الاقتصادية التي تتبناها صنعاء؛ كونها مثّلت وقايةً كبيرةً من الانهيار الاقتصادي والمعيشي، حَيثُ تنعَمُ المحافظاتُ الحُرَّةُ باستقرار معيشي واقتصادي لا بأسَ به، رغم الحصارِ وانعدام الثروات الغازية والنفطية والمعدنية، التي كانت تُدِرُّ على خزينة الدولة بمليارات الدولارات سنوياً.
صحيفة المسيرة