أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تغيير اسم سفارتها الشكلية في دمشق، عبر حذف كلمة دمشق، وتحويلها إلى «سفارة الولايات المتحدة في سوريا»، بالتوازي مع عملية نقل غير مباشرة لمقرها إلى الشمال الشرقي من البلاد، حيث توجد القواعد الأميركية في المناطق النفطية التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) الأمر الذي يعتبره الخبراء حملة تصعيدية ضد سوريا ميدانياً وسياسياً واقتصادياً.
وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية فانه وسّعت الولايات المتحدة نشاطها التقسيمي في سوريا من خلال تفعيل عمل سفارتها في هذا البلد بعد تغيير اسمها لتصبح «سفارة الولايات المتحدة في سوريا» بعد حذف كلمة دمشق، في الوقت الذي رفعت مستوى الدعم لـ «الإدارة الذاتية» الكردية في الشمال الشرقي، وتظاهرات السويداء، كما عزّزت عمليات تدريب المقاتلين في قاعدة التنف على الحدود السورية – الأردنية – العراقية.
السفارة الأميركية المتوقفة عن العمل منذ عام 2011، بعد انسحاب الفريق الديبلوماسي الأميركي أولاً، وقرار دمشق طرد السفير الأميركي حينها روبرت فورد عام 2012، تابعت نشاطها الشكلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى عام 2015، بعد أن تمركزت قوات أميركية في بعض المناطق شمالي شرق البلاد، وعند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، حيث عاد النشاط الديبلوماسي الأميركي ضمن أدنى حدوده إلى تنسيق بعض العمليات الأميركية، لتأتي الخطوة الأخيرة عبر تغيير اسم السفارة، والإعلان عن تنشيط دور البعثة الديبلوماسية الأميركية في الحسكة، لتحسم الجدل حول الأجندة الأميركية التقسيمية.
ورغم محدودية تأثير القرار الأميركي في الوقت الحالي، يمكن لنظرة واسعة حول نشاط الولايات المتحدة في سوريا أن تكشف عن صورة متكاملة لنشاط تقسيمي مستمر، بدءاً من تحصين مواقعها العسكرية، وليس انتهاءً بتقديم كل الدعم الممكن إلى «قسد»، التي تمثل الحليف الأقوى لواشنطن في سوريا، الأمر الذي ظهر بوضوح في الاشتباكات الأخيرة بين قوات «قسد» و العشائر في دير الزور، حيث تمكنت القوات التي يقودها «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي من استعادة السيطرة على بعض المناطق التي خرجت عن سيطرتها، كما تمكّنت من وأد بعض المحاولات العشائرية اللاحقة للانتفاض بوجه القبضة الأمنية المحكمة والتحكم الكردي المطلق في مناطق «الإدارة الذاتية».
وفي ردها على الانتفاضة العشائرية، التي يبدو أنها مسّت المخطط الأميركي بشكل مباشر، اتهمت قوات «التحالف» التي تقودها واشنطن من أسمتهم «جهات خبيثة بالعبث باستقرار المنطقة»، في تكرار مباشر لتصريحات أطلقتها «قسد» في المدة الماضية اتهمت فيها دمشق بالوقوف وراء الانتفاضة العشائرية، ما يعني استمرار تمسك واشنطن بالواقع الذي فرضته الحرب، وتمسكها بـ«الإدارة الذاتية» التي تعدّها دمشق مشروعاً انفصالياً ترفض حتى مناقشته، خصوصاً أن واشنطن مدت تلك الإدارة بكل الدعم اللازم للإبقاء عليها، بدءاً من تسهيل عمليات نقل النفط السوري وتهريبه وتسويقه عبر أسواق كردستان العراق، وليس انتهاءً باستثناء مناطق «قسد» من العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
وإلى جانب مشروع «الإدارة الذاتية»، جاءت تظاهرات السويداء لتمثل فرصة تحاول الولايات المتحدة اقتناصها، أملاً بتنمية النزعة الانفصالية في المحافظة ذات الخصوصية بسبب موقعها الجغرافي قرب الأراضي التي تحتلها الإحتلال الإسرائيلي، ومكونها الرئيسي من الموحدين الدروز وامتدادهم إلى مناطق في لبنان والجولان السوري، الأمر الذي ظهر بوضوح عبر التصريحات الأميركية والأوروبية المبكّرة الداعمة لهذه التظاهرات في أروقة مجلس الأمن، ومحاولة مد جسور تواصل مع قادة الحراك، وأبرزهم الشيخ حكمت الهجري، الذي تلقى في الأسبوع الماضي مجموعة من الاتصالات من مسؤولين أوروبيين وأميركيين، أبرزهم رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، كاترين لانغزيبن، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إيثان غولدريتش، الذي يُعدّ المسؤول الأميركي الأرفع الذي يجري اتصالاً بالهجري، بعد اتصالات سابقة أجراها نواب أميركيون، وهي اتصالات أكدها مقربون من الهجري، وعدّوها جزءاً من اتصالات يومية يتلقاها الشيخ الذي أصبح أحد أبرز قادة التظاهرات في السويداء.