وافقت لجنة التخطيط والبناء المركزية في القدس على خطط لبناء 400 منزل استيطاني جديد داخل حي فلسطيني يمتد بين الضفة الغربية والقسم الشرقي من القدس المحتلة ما يمهّد الطريق لتوسيع “إسرائيل” لجيب يهودي في قلب البلدة.
وأوضح شالوم يروشالمي في تقرير نشر اليوم الثلاثاء (23 أيار 2023) في موقع “تايمز أوف إسرائيل” أن “هذه الوحدات الاستيطانية تشكل حيًا جديدًا لليهود في بلدة أبو ديس، وهي بلدة فلسطينية يقسمها الحاجز الأمني في الضفة الغربية إلى نصفين بعد أن وجدت اللجنة أنه استوفى الشروط للحصول على موافقة أولية، حسبما ذكر موقع “زمان إسرائيل” العبري الشقيق لـ”التايمز أوف إسرائيل” في يوم الأحد.
وأشار يروشالمي إلى أن الاقتراح بجب أن يمر بمراحل تخطيط إضافية قبل أن يبدأ البناء والتسويق بشكل جدي.
وأفاد موقع “زمان إسرائيل” عن الاقتراح لإنشاء الحي الجديد لأول مرة في آذار/ مارس إلى جانب خطط لبناء أو توسيع جيوب أو أحياء يهودية في أجزاء أخرى من القدس المحتلة.
ومن المقرّر أن يتم بناء الحي الجديد الذي يُطلق عليه اسم “كيدمات تسيون” على قطعة أرض كبيرة تقع بالقرب من الجدار الأمني في أبو ديس والتي تسعى الشخصيات المؤيدة للاستيطان في “إسرائيل” للسيطرة عليها منذ سنوات.
ويسكن في البلدة حاليًا حوالى 12 عائلة يهودية تعيش في مبنيين سكنيين صغيرين اشتراهما متبرع أميركي في واحد من عدد من الجيوب اليهودية الصغيرة داخل الأحياء الفلسطينية في المدينة، والتي تهدف للإشارة إلى سيطرة الاحتلال على القدس بأكملها.
وخلافًا لبعض الجيوب الأخرى، حيث يوجد لليهود مطالبات تاريخية، تقع أبو ديس بعيدًا عن الحدود البلدية الأساسية للقدس ولا تحمل أي أهمية خاصة لليهود غير تدريج أجزاء منها عندما تم توسيع حدود المدينة بعد احتلال القسم الشرقي من القدس عام 1967. وخطط رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك لعزل أبو ديس وحيين آخرين من القدس في سنة 2000 كبادرة للفلسطينيين، لكنه أوقف الفكرة عندما اندلعت الانتفاضة الثانية في ذلك العام.
لكن لدى المنطقة قيمة استراتيجية، حيث تتاخم شارعًا رئيسيًا يتم بناؤه على طول الحافة الشرقية للقدس، والذي سيربط المستوطنات الواقعة جنوب المدينة بتلك الموجودة في شمالها وشرقها. وسيشمل ما يسمى بالطريق الأميركية نفقًا يمر تحت أبو ديس، والذي يبدو أنه سيمر بالمنطقة التي يتم فيها التخطيط لبناء الجيب اليهودي في أبو ديس.
وتقع معظم أراضي أبو ديس خارج حدود القدس وداخل حدود المنطقة B في الضفة الغربية، حيث تتمتع السلطة الفلسطينية بسيطرة مدنية. ويعيش في البلدة حوالى 15 ألف شخص، بمن فيهم قادة وأكاديميون فلسطينيون بارزون مثل سري نسيبة، وتحوي البلدة جامعة وكلية إسلامية كبيرة، بالإضافة إلى مؤسسات حكومية فلسطينية.
ويوجد أيضًا في البلدة هيكل ضخم لمبنى مكتمل تقريبًا من خمسة طوابق كان من المقرر أن يصبح البرلمان الفلسطيني وفقًا لاتفاقية عام 1995 بين رئيس السلطة الفلسطينية المستقبلي آنذاك محمود عباس والنائب الصهيوني السابق يوسي بيلين، وهو مهندس رئيسي لاتفاقية أوسلو عام 1993.
ويعتبر الفلسطينيون القسم الشرقي للقدس المحتلة عاصمة لدولتهم المستقبلية، لكن سلطات الاحتلال تعتبر المدينة بأكملها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني، وتحتج على محاولات السلطة الفلسطينية للعمل داخل المدينة. وتم اقتراح أبو ديس التي تقع في القسم الشرقي للقدس وخارجها كبديل عن القدس للفلسطينيين. وتم ذكرها كاحتمال مؤخرًا في خطة إدارة دونالد ترامب لـ”السلام” لعام 2020.
ويقع المبنى على مسافة قصيرة من أطراف الحي اليهودي المقترح.
وعلى الرغم من الموافقة على 400 وحدة استيطانية جديدة، لا يزال من الممكن أن تواجه الخطة معارضة وأن يتم رفضها أو تعليقها بسبب الضغط السياسي. وبينما يدعم مجلس الوزراء المتشدد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأغلبية ساحقة بناء المستوطنات وتوسيع الوجود اليهودي في الأحياء العربية في القدس، تعرضت الحكومة لضغوط شديدة من الحلفاء في الخارج للحد من الإجراءات التي قد تزعزع استقرار المنطقة.
وفي سنة 2000، وافق المخططون مبدئيًا على بناء 225 وحدة سكنية في أبو ديس. لكن لم تحصل الخطة على الموافقة النهائية من السلطات السياسية ولم يتم تنفيذها منذ ذلك الحين.
الجماعات اليمينية ترى فرصة
الى ذلك، سيندمج الجيب المخطط الجديد في النسيج الحضري لأبو ديس، مما يقضي على أي فرصة لاعتبار المدينة موقعًا مناسبًا للعاصمة الفلسطينية.
ويتم دفع المخطط من قبل “عطيرت كوهانيم” وهي مجموعة يمينية متطرفة تحصل على تمويلٍ كبير وتشتري الأراضي لتوطين اليهود في القسم الشرقي للقدس، ومنظمة تسمى “جمعية المستأجرين” والتي بدأت بشراء الأراضي في أبو ديس عام 1926.
وفي أوائل سنة 2004، تمكنت “عطيرت كوهانيم” من شراء مبنيين في أبو ديس بتمويل من المليونير الأميركي إيرفينغ موسكوفيتز. وتعيش في الوقت الحالي 10 عائلات يهودية في ثلاثة مبانٍ في القرية، اثنان منها تسميان “بيت سارة” و”بيت هأخيم” (بيت الأخوة).
وفي ما يُسمى بيوم القدس (الصهيوني) الأسبوع الماضي، أعلنت المجموعة أنها تعمل على “تعزيز تصاريح البناء لـ 400 وحدة سكنية من شأنها تغيير خارطة الجزء الشرقي من المدينة، حيث يقع الحي في موقع استراتيجي، ويمكنه تغيير صورته تدريجيًا إلى صورة يهودية ومنع العرب من الاستيلاء على الأحياء الشرقية للمدينة”.
وكتبت المجموعة في بيان توضيحي تم تقديمه للجنة: “تم بناء المؤسسات الفلسطينية في أبو ديس بهدف تحويل المدينة إلى عاصمة لفلسطين وبناء ممر إلى وسط القدس، وبالتالي تعزيز السيطرة على المدينة بأكملها”. وأفاد البيان أنّ “أهمية إنشاء الحي وتنميته هي خلق درع للقدس ضد الطموحات الفلسطينية، والحي سيعطل التواصل الجغرافي (للمنطقة) ويحمينا من تقسيم المدينة”.
كبار المسؤولين اليمينيين في بلدية القدس مقتنعون بأن الحكومة الحالية ستقدم الخطة بسرعة ولن تؤخرها رغم رد الفعل الدولي المتوقع، وقد أوقف رد الفعل المحتمل الحكومات السابقة حتى عندما كان هناك شركاء من الوسط واليسار.
وقال أرييه كينغ نائب رئيس بلدية القدس وعضو “عوتسما يهوديت”، لموقع “زمان إسرائيل”: “أنا متأكد من أن الحكومة الحالية، التي ناقشت اليوم ميزانية (الطريق 4370) المعروف أيضًا باسم الطريق الدائري الشرقي من منطلق فهم أهميته الاستراتيجية بالنسبة لمستقبل القدس، ستعمل أيضًا على تعزيز مخطط حي كيدمات صهيون المخطط له عند حدود (هذا الطريق)”.
(الطريق 4370 هو طريق في الضفة الغربية فيه حاجز يفصل بين حركة المرور “الإسرائيلية” والفلسطينية. الطريق الذي يبلغ طوله خمسة كيلومترات، والذي تم افتتاحه في سنة 2019، مقسم على طوله بجدار إسمنتي يعلوه سياج. مسلكان في الطريق يربطان مستوطنة “غيفاع بنيامين”، المعروفة أيضًا باسم آدم، شمال القدس، إلى حي التلة الفرنسية في المدينة – ويمكن للمركبات “الإسرائيلية” والفلسطينيين الذين لديهم تصاريح دخول إلى القدس المرور بهما، بينما يتفرع المساران الآخران ويؤديان إلى شرق وجنوب المدينة، دون الوصول إلى القدس نفسها، وهي مخصصة لمركبات الفلسطينيين الذين ليس لديهم تصاريح دخول إلى القدس).
وقال مسؤول صهيوني كبير آخر لـ”زمان إسرائيل”: إن “هذه فرصتنا الكبيرة ولن نتخلى عنها”.
وحتى الآن، جمعت حملة “عطيرت كوهانيم” لجمع التبرعات حوالى 800 ألف شيكل (نحو 220 ألف دولار) أي أعلى بكثير من هدفها الأولي.
ويوم الأحد الماضي، وصل رئيس المنظمة متتياهو هكوهين دان إلى اجتماع مجلس الوزراء، الذي عُقد في نفق حائط المبكى وتحدث مع الوزراء والمسؤولين الآخرين هناك.