تعجز الألسن ويندهش الكلام عن التعبير عن تلك الصور للحشود المليونية للأنصار، أحفاد الأوس والخزرج التي تقاطرت بزخم جماهيري عظيم إلى ساحات الاحتفال لإحياء ذكرى مولد الرسول الأعظم سيد البشرية الرحمة المهداة للعالمين سيدنا محمد صل الله عليه وآلة وسلم.
ورغم استمرار العدوان والحصار للعام الثامن على التوالي إلا أن أبناء الشعب اليمني العظيم إلى جانب تصديهم لقوى الظلم والطغيان قد قاموا بإحياء هذه المناسبة بصمود وثبات وعنفوان فخرج إلى ساحات الاحتفال الرجال والنساء والصغار والكبار وكلهم في حب المصطفى للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله افضل الصلاة وأزكى التسليم، بما يؤكد على الالتزام بالمنهج المحمدي والاقتداء بالرسول محمد وتوقيره، وتلك الحشود المليونية دلت على عمق الولاء وصدق الانتماء، وتجسد العشق المحمدي، لاسيما وأن أحياء هذه المناسبة بفرحٍ وابتهاجٍ وسرور، يأتي من منطلق قول الله “تبارك وتعالى”: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.
احياء مناسبة المولد النبوي هي من المناسبات المهمة للأمة:
كما هو معلوم فقد وصلت الأمة الإسلامية إلى ما وصلت إليه من تدنٍ، وشتاتٍ، وفرقةٍ، وضعفٍ؛ نتيجةً لغياب الكثير من المبادئ والقيم المهمة من واقعها، مما أثر ذلك عليها تأثيراً بالغاً، وبالنظر إلى واقع الأمة الإسلامية، فإن إحياء مناسبة المولد النبوي الشريف هي من المناسبات المهمة والمفيدة، والتي تحتاج إليها الأمة، وتزايدت أهميتها بالنظر إلى واقع الأمة الإسلامية الذي يحتاج إلى الالتفاتة والعناية الكبيرة، والعمل الجاد في إعادة انعاش الأمة، وإحياء مبادئها العظيمة، وإحياء قيمها المهمة والأساسية، التي بها تحيا الأمة التي شرَّفها الله بالإسلام، والقرآن الكريم، وأنعم عليها برسول الإسلام.
ولكي تعود الأمة الاسلامية إلى مصادر مجدها، وعزتها، وإحياء دورها الرائد والمميز بين الأمم، الذي شرَّفها الله به، ومسؤوليتها المقدَّسة التي حمَّلها الله إياها، فهي بحاجة إلى الإنقاذ، ومعالجة المشاكل الكبيرة المتفاقمة في الواقع البشري، ولن يكون ذلك إلَّا بالعودة الواعية إلى الله “سبحانه وتعالى”، وإلى منهجه، وهديه، وكتبه ورسله وأنبيائه، إلى وريث رسله وأنبيائه خاتم النبيين رسول الله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، وهي بذلك ستحظى برعاية ومعونة وتوفيق الله “سبحانه وتعالى”، بشكلٍ تلقائي وفي ذلك إنقاذٌ لها أولاً.
تجليات ومصاديق الحديث النبوي الشريف:
غير غريبٍ على أحفاد الأنصار الذين نصروا رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وحملوا راية الإسلام، وجاهدوا معه بأن يقوموا بإحياء مناسبة المولد النبوي الشريف بشكلٍ كبير وغير مسبوق، حيث تميَّز الشعب اليمني بإحيائه لمناسبة المولد النبوي الشريف منذ بداية شهر ربيع الأول بأنشطةٍ ومهرجانات وفعالياتٍ متنوعة، وصولاً إلى الحضور الجماهيري الحاشد والكبير في الفعالية الرئيسية المقامة في الثاني عشر من الشهر.
وقد تصدَّر الشعب اليمني الشعوب الإسلامية في مدى اهتمامه بهذه المناسبة العظيمة، وابتهاجه بها، وطريقة إحيائه لها، وفي حضوره الحاشد والكبير في الفعاليات والمهرجانات، ليجسِّد الإيمان والاقتداء، والتأسي، والإتِّباع، والاهتداء برسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” بكل التزام، واهتمام لا نظير له.
وهذا الاهتمام هو من تجليات ومصاديق الحديث النبوي الشريف: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية)؛ ذلك لأن الصلة برسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، هي صلةٌ وعلاقةٌ إيمانية، ومنطلقها وأساسها هو الإيمان بالرسول، وبرسالته، وبعظيم منزلته عند الله “سبحانه وتعالى”، وبمهمته المقدَّسة، ودوره العظيم.
المصدر: موقع أنصار الله