العين برس – أخبار دولية
تصريحات الموفد الأميركي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي، حول “عدم إقفال النافذة الدبلوماسية مع إيران”، أثارت خيبة أمل في “إسرائيل”. خيبةٌ ترافقت مع تقارير إسرائيلية عديدة، بمصادقة وموافقة الرقابة العسكرية، عن استئناف سلاح الجو الإسرائيلي تدريباته، التي توقّفت لسنوات، استعداداً لهجوم محتمل في إيران، ونقاش معمق قاده كبار الخبراء حول المسافة التي تفصل إيران عن ” العتبة النووية”، وجدوى الخيار العسكري، والشروط الضرورية لتوفره وفعاليته ضد إيران.
خيبة أمل من مالي
حظيت تصريحات الموفد الأميركي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي، التي أشار فيها إلى أن “النافذة الدبلوماسية مع إيران لن تُغلق أبداً”، باهتمام إعلامي واسع في “إسرائيل”.
وعلى الرغم من أن تصريحات مالي حول التزام واشنطن بالخيار الدبلوماسي إزاء ايران، لم تفاجئ “إسرائيل”، بحسب معلقين، إلا أنّها أثارت المزيد من خيبة الأمل لدى مختلف الأوساط الإسرائيلية.
حيث أشار معلّقون إلى أنّ “إسرائيل” رغبت بشدّة برؤية الأميركيين يفرضون عقوبات إضافيّة ضدّ إيران، ويلوّحون بخيار عسكري موثوق يفرض على إيران الجلوس على طاولة المفاوضات بسقف شروط منخفض.
وأفاد معلّقون أنّ واشنطن مرّرت عبر مالي رسالة مفادها أنّها تناقش ما سيحدث بالضبط إذا لم تعد إيران إلى طاولة المفاوضات. وبحسب المعلقين فإنّ “محاولات إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات تثير قلقاً لدى مسؤولين إسرائيليين، وخشية لديهم من أن تواصل إيران بموازاة استمرار المفاوضات، تخصيب اليورانيوم والإسراع لتكون دولة عتبة نووية”.
ترويج إسرائيلي للخيار العسكري
كلام الموفد الأميركي الخاص لشؤون إيران أتى على وقع تقارير إسرائيلية متواترة عن استعداد سلاح الجو الإسرائيلي لمهاجمة إيران، وتنفيذ مناورات استعراضية لهذه الغاية.
وبدءاً من الأسبوع الماضي، وبالتزامن مع انطلاق مناورات “علم أزرق” الجوية، أفادت تقارير إعلاميّة إسرائيلية أنّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أصدر تعليماته لسلاح الجو باستئناف التدريبات لشنّ هجوم محتمل في إيران.
وفيما أشار معلّقون إلى أنّ خطّة الجيش الإسرائيلي تتطلّب عاماً أو أكثر لتُصبح عملياتية، ذكر آخرون أنّ تدريبات الجيش أتت على خلفية محاولات إحياء المحادثات النووية في فيينا، حيث أمرت الحكومة الإسرائيلية بالاستعداد لهجوم على المنشآت النووية في إيران في حال فشل المحادثات واستمرار إيران في التقدّم نحو قنبلة نووية.
وأشار محللون إلى أنّ “إسرائيل” قامت بتضخيم مثل هذه الإشارات بشكل كبير في الأيام الأخيرة، في ردّ واضح على تباطؤ الولايات المتحدة بشأن رغبتها في التفكير في خيار عسكري موثوق به، مصمم لإعادة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات وممارسة الضغط عليهم لتقديم تنازلات.
بينيت متفاجئ من نتنياهو على خلفية الملف النووي
في سياق كلامه عن المسافة التي تفصل إيران عن العتبة النووية، أشار اللواء احتياط عاموس يدلين، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي سابقاً، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، إلى أنّ أمريْن فاجآ رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، لدى تسلُّمه مهام منصبه.
الأمر الأول هو أنّ الإيرانيين قريبون من النووي أكثر مما توقّع. والأمر الثاني أنّ الخيار العسكري الإسرائيلي ليس مُحدّثاً لسببين: الاتفاق النووي عام 2015 الذي جعل خطّة الخيار العسكري غير ذي صلة، وعدم وجود ميزانية عامة لثلاث سنوات بسبب الأزمة السياسية.
ومن وجهة نظر يدلين فإنّ معضلة النووي الإيراني، تُختصر في أنّ الإيرانيين يدركون أنّ مَن يملك القدرة على مهاجمة إيران (واشنطن) لا يرغب بذلك، في حين أن مَن يملك الرغبة (“إسرائيل”) لا تملك القدرة.
في الطريق نحو القنبلة النووية يُراكم الإيرانيون المزيد والمزيد من قدرات المسّ بـ”إسرائيل”، بحسب ما يرى رئيس “معهد هرتسليا للسياسة والاستراتيجية”، اللواء احتياط عاموس غلعاد، الذي يؤكد، في مقابلة إذاعية، أنّ “استراتيجية إسرائيل القائمة على إلغاء الاتفاق النووي قد فشلت وتتطلب إعادة تفكير”.
ويستبعد غلعاد أن تساهم مناورة “علم أزرق” التي تجري حالياً في “إسرائيل”، في ردع إيران في المجال النووي، ويضيف: “للأسف الخيار العسكري وضع على عاتق إسرائيل، ونحن بحاجة للأميركيين”.
من جهته، يرى العقيد احتياط رونن إيتسيك، وهو باحث ومحاضر في العلوم السياسية تولى في الماضي قيادة اللواء “هرئِل”، أنّ الخيار العسكري سقط عن جدول الأعمال وأنّ الكلام عن هجومٍ في إيران هو مجرد خدعة.
وذلك لعدّة أسباب:
أولاً: الضرّر البيئي الهائل الذي سيُحدثه تدمير منشآت نووية في طور العمل والإنتاج.
ثانياً: مستوى التحصين والحماية الفائقيْن للمنشآت النووية في إيران.
ثالثاً: المصالح الجيو-استراتيجية، بين إيران وروسيا، والدور الروسي في المنطقة.
وفي ضوء إشارته إلى أنّه “في العقد الأخير أصبحت إيران مصدر حوالى 80% من المشاكل الأمنية لإسرائيل”، يشخّص رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً، اللواء احتياط غيورا آيلند، في مقالة له في “يديعوت أحرونوت”، ما لا يقل عن “أربعة تهديدات مباشرة إضافية: الأول، محاولة إيران تأسيس قوة عسكرية شبيهة بحزب الله في سوريا. الثاني، محاولات إيرانية لمهاجمة إسرائيل في السايبر. الثالث، قدرة إيران على مهاجمة إسرائيل بصواريخ جوّالة وطائرات مسيّرة مسلّحة قادرة على الوصول من سوريا والعراق واليمن. الرابع والأساس، سلاح نووي يمكن أن تصنعه إيران في مدةّ زمنية قصيرة نسبياً”.
وبملاحظة ما سبق، يرى آيلند أنّ على “إسرائيل” أن تكون مستعدّة:
أولاً، إزاء هجوم مباشر على “إسرائيل” بواسطة صواريخ وطائرات مباشرة تشغّلها إيران أو حلفاؤها في المنطقة.
وثانياً، مقابل النووي الإيراني، إذا لم تستأنف الولايات المتحدة وإيران الاتفاق أو استأنفتاه لكنّ إيران تنتهكه بصورة صارخة، فإنّ “إسرائيل” ستكون ملزمة بأن تكون قادرة على مهاجمة المنشآت النووية في إيران.