صرّح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بعد الاجتماع مع الوفد الأميركي في جنيف، أنَّ “المباحثات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن الاستقرار الاستراتيجي كانت صعبةً”، مستبعِداً “تحقيق تقدم في مسألة عدم توسُّع حلف شمال الأطلسي”.
وأكَّد ريابكوف أنَّ المحادثات كانت “معقَّدة وطويلة ومحترفة للغاية وعميقة وملموسة، من دون محاولاتٍ لتجميل شيءٍ ما، وللالتفاف على بعض الزوايا الحادة”. وأضاف أنه “حصلنا على انطباعٍ مفاده أنَّ الجانب الأميركي أخذ المقترحات الروسية على محمل الجِدّ، وأجرى دراسةً متعمِّقةً لها”.
وأشار ريابكوف إلى أنَّ “القضايا الرئيسة لا تزال معلَّقةً”، موضحاً أنَّ “موسكو لم ترَ فهماً لدى واشنطن لضرورة حلِّها بطريقةٍ تلائمنا”، ومعتبراً أنَّ “موسكو في حاجةٍ إلى ضماناتٍ، وليس وعوداً”.
وبيّن ريابكوف أنَّ “عدم انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف الناتو هو مسألةُ أمنٍ قوميٍّ لروسيا”، قائلاً إنَّ “من الضروري للغاية بالنسبة إلينا التأكّدَ من أنَّ أوكرانيا لن تصبح أبداً عضواً في الناتو”.
وعبّر ريابكوف عن رغبة بلاده في سحب الصيغة التي اعتمدتها قمة بوخارست في عام 2008، والاستعاضة عنها بالصيغة التي وردت في قمة مدريد لحلف شمال الأطلسي، والتي تنصُّ على أنَّ “أوكرانيا وجورجيا لن تصبحا أبداً عضوين في حلف شمال الأطلسي”.
وتابع “لقد سئمنا من المحادثات الفارغة، والوعود النصفية، وسوء التفسير، وهو الأمر الذي حدث غالباً في المباحثات خلف الأبواب المغلقة”، قائلاً “نحن لا نثق بالجانب الآخر. نحن في حاجةٍ إلى ضماناتٍ ملموسةٍ وإلزاميةٍ من الناحية القانونية، وليس وعوداً”.
وشدَّد ريابكوف على أنَّ “موسكو شرحت بالتفصيل لواشنطن منطق مقترحاتها، وشرحت لماذا يُعَدُّ الحصول على ضماناتٍ قانونيةٍ بشأن عدم توسُّع حلف الناتو ضرورةً مطلقةً”.
وتعتبر روسيا أنَّ القضايا الرئيسة الأخرى، هي الحصول على ضماناتٍ قانونيةٍ بشأن عدم نشر أسلحةٍ هجوميةٍ ضاربةٍ عند الحدود مع روسيا، فضلاً عن رفض “التطوير المادي لأراضي الدول التي انضمّت إلى حلف الناتو، في فترة ما بعد عام 1997”.
وأوضح نائب وزير الخارجية الروسية، أنه “من دون إحرازِ تقدّمٍ في هذه المواضيع، سيكون العمل على جوانب أخرى موضعَ شكٍّ”، مشيراً إلى أنَّ “الكتلة العسكرية الأطلسية يجب أن تتخذ خطوةً نحو المقترحات الروسية للضمانات الأمنية، وليس العكس”.
لكنه، في الوقت نفسه، استدرك بالقول إنَّ “روسيا لا تتوقّع مرونةً من الغرب بشأنِ عددٍ من القضايا المطروحة، ولا تشعر بالثقة بأنَّ الولايات المتحدة وحلف الناتو سيطبّقان اتفاقياتِ ضماناتٍ ملزِمةٍ قانوناً إذا تم تبنّيها”.
شيرمان: لن نسمح لأحد بإغلاق باب الناتو في وجه أي دولة
وأكَّدت نائبة وزير الخارجية الأميركية، ويندي شيرمان، اليوم الإثنين، اتّفاقَ وفدَي روسيا والولايات المتحدة، في أثناء مباحثاتهما في جنيف، على “عدم السماح بنشوب حربٍ نوويةٍ”.
وقالت شيرمان، في مؤتمرٍ صحافيٍ في جنيف، عقب انتهاء المباحثات، إنَّ “الولايات المتحدة وروسيا متفقتان على أن الحرب النووية لا يمكن الفوز بها، ولا يجب أبداً إطلاق العنان لها”.
ولفتت إلى أنَّ “الوفد الأميركي رفضَ مقترحاتٍ تقدَّمت بها روسيا ترتبط بموضوع الأمن في أوروبا”، لكنها شدَّدت على أنَّ بلادها “لن تتخلى أبداً عن تعاونها وعلاقاتها بالدول النائية الأخرى، الراغبة في العمل معها”.
وأوضحت شيرمان أنَّ واشنطن “لن تسمح لأحدٍ بأن يغلق باب الانضمام إلى حلف الناتو في وجه أيِّ دولةٍ”. وأكَّدت أنها أجرت مناقشاتٍ صريحةً ومباشرةً مع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بشأن المقترحات الأمنية في أوروبا، التي حددتها موسكو.
وأضافت شيرمان أنَّ “الولايات المتحدة عرضت اللقاء مجدَّداً في وقتٍ قريبٍ من أجل مناقشة الملفات الثنائية، بمزيدٍ من التفصيل”، وذلك بعد “مشاورات واشنطن مع الحلفاء والشركاء الأوروبيين”.
ولفتت شيرمان إلى أن واشنطن على استعدادٍ للتحرّك بسرعةٍ قدرَ الإمكان في المحادثات الأمنية مع موسكو، لكن لم يتم وضع جدولٍ زمنيٍّ لهذه المحادثات.
البنتاغون: سنواصل تقديم المساعدة الأمنية لأوكرانيا حسب الحاجة
من جهته، صرّح المتحدث باسم البنتاغون الأميركي جون كيربي، أنه “لم نشهد أيَّ تغييراتٍ كبيرةٍ في وضع القوة العسكرية من قبل الروس حول أوكرانيا”، مضيفاً أنه “لم نشهد أيَّ تخفيضٍ، الروس لا يزالون يتمتعون بقوةٍ كبيرةٍ هناك”.
وأوضح كيربي أن بلاده “ستواصل تقديم المساعدة الأمنية لأوكرانيا حسب الحاجة”، مؤكِّداً أنَّه “نريد رؤية خفضٍ للتصعيد”.
وتابع: “من الواضح أنَّ القوات الأوكرانية في موقفٍ صعبٍ في منطقة دونباس، ومن المهمِّ أن يلتزم الروس باتفاق مينسك”، لافتاً إلى أنَّ “واشنطن على استعدادٍ لبحث مسألة نشر صواريخ في أوروبا مع روسيا”.
بدوره، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، خلال مؤتمرٍ صحفيٍّ اليوم الاثنين: “مستعدّون لاستمرار المناقشات حول القضايا الثنائية التي حددناها اليوم بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ عملياً، وعبّرنا عن ذلك بشكلٍ واضحٍ خلال مناقشات اليوم”. كما توقّع برايس عقدَ محادثاتٍ أخرى بعد إجراء الولايات المتحدة مشاوراتٍ مع حلفائها الأوروبيين خلال الأيام المقبلة.
مراسل الميادين: المحادثات استغرقت 7 ساعات
وكان مراسل الميادين في مدينة جنيف السويسرية أفاد بانتهاء المحادثات الروسية الأميركية الموسّعة، والمنعقدة في المدينة، والمتعلّقة بالضمانات الأمنية التي تطلبها روسيا من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وذلك بعد 7 ساعاتٍ من النقاشات.
وترأّس الوفد الروسي، بالإضافة إلى سيرغي ريابكوف، نائبُ وزير الدفاع ألكسندر فومين. والوفد الأميركي ترأّسه النائبة الأولى لوزير الخارجية ويندي شيرمان.
دبلوماسية أميركية: واشنطن أكَّدت لموسكو استمرار سياسة الأبواب المفتوحة
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن دبلوماسيٍّ أميركيٍّ قوله إنَّ “واشنطن وموسكو بحثتا في فرض قيودٍ متبادلةٍ على الصواريخ والمناورات العسكرية”.
وقالت دبلوماسيةٌ أميركيةٌ لوكالة “فرانس برس” إنَّ “واشنطن أكَّدت لموسكو استمرار سياسة الأبواب المفتوحة للحلف الأطلسي”، مشيرةً إلى أن “واشنطن كررت تحذيراتها لموسكو في شأن أوكرانيا، وأبدت استعدادها لإجراء مباحثات جديدة”.
مفاوض روسي: واشنطن تتعامل بجدّيّةٍ كبيرةٍ مع مطالب موسكو
في المقابل، أكَّد مفاوضٌ روسيٌّ لوكالة “فرانس برس” أنَّ “واشنطن تتعامل بجدّيّةٍ كبيرةٍ مع مطالب موسكو”، موضحاً أنَّ “موسكو أبلغت إلى الأميركيين أنَّه ليس لديها أيُّ نيَّةٍ في مهاجمة أوكرانيا”.
وشدَّد المفاوض الروسي على أنَّه “يجب على واشنطن ألّا تقلِّل أهميّة خطرِ مواجهةٍ عسكريّةٍ”.
روسيا تنفي وجود خطط لشن هجوم على أوكرانيا
وفي وقتٍ سابقٍ اليوم، أفاد مراسل الميادين في جنيف ببدء المحادثات بين موسكو وواشنطن، بعد وصول الفريق الروسي برئاسة سيرغي ريابكوف إلى مقر البعثة الأميركية، من أجل بدء الاجتماع الثنائي مع الفريق الأميركي برئاسة وندي تشيرمان.
وكانت شيرمان التقت ريابكوف في جنيف أمس الأحد، بحيث ناقشا القضايا الثنائية التي سيتناولها الجانبان خلال الاجتماع الاستثنائي لحوار الاستقرار الاستراتيجي.
وتتهم الدول الغربية وكييف روسيا بحشد نحو مئة ألف جندي عند حدود أوكرانيا استعداداً لغزو محتمل. وهدّدت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعقوبات “هائلة” وغير مسبوقة في حال هاجم جارته.
من جهتها، تنفي روسيا هذه الاتهامات، وتؤكد أنها “لا تخطط لشن هجوم على أي بلد”، وتقول إنها مهدَّدة من الحلف الأطلسي الذي يسلّح كييف وينشر طائرات وسفناً في منطقة البحر الأسود.
وتعارض روسيا، بصورة خاصة، أيَّ توسُّع للحلف في الدول المجاورة لها، مثل أوكرانيا، وترغب في الحصول على ضمانات قانونية من شأنها استبعاد مثل هذا الاحتمال مستقبلاً.
ومن المقرَّر أن ينطلق اجتماع بين حلف شمال الأطلسي وروسيا الأربعاء المقبل، في بروكسل، ثم يُعقد لقاء الخميس في فيينا مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بشأن الأزمة الأوكرانية.
المصدر : الميادين