يبدو أن محافظات اليمن الجنوبية مرشحة لجولة جديدة من الصراعات الدامية بين السعوديين والإماراتيين.
فيما محركات الصراع هذه المرة لم تعد قادرة على حمل لافتات باسم “الشرعية” بقدر ماهي ناجمة عن صدام المصالح بين الطرفين، والسعي لكسب الحظوة لدى القوى الاستعمارية الأمريكية والبريطانية التي أصبحت تكاشف علانية بتدخلاتها العسكرية والسياسية في اليمن.
وتشير عودة قيادة المجلس الانتقالي إلى عدن من أبو ظبي تمكنت من إجبار الرياض على القبول بتسوية ما، اضطرت على أساسها السعودية على كبح حملتها الغاضبة ضد الفصائل الموالية للإمارات جنوب اليمن.
ولا يستبعد أن تكون تلك التسوية بين الرياض وأبو ظبي، قد تمت بناء على تقاسم النفوذ بين الطرفين بحيث تسيطر السعودية على المحافظات اليمن الشرقية، مقابل احتفاظ الإمارات بنفوذها على المحافظات الجنوبية. حيث تبدي الرياض اهتماما بمحافظات حضرموت والمهرة، وقد سبق للمتحدثين السعوديين أن أعلنوا في خضم الملاسنات الناشبة مع اتباع الإمارات أن “حضرموت أمن قومي سعودي” إلى جانب سعي الرياض إلى مد أنبوب النفط من الأراضي عبر الأراضي اليمنية في محافظة المهرة وسواحل اليمن في البحر العربي. بينما تريد الإمارات الاستحواذ على الموانئ اليمنية.
خلال الفترة الماضية كانت التسريبات الخارجة من الكواليس السعودية تتهم الإمارات بعرقلة التوجه السعودي لتمرير أنبوب النفط شرق اليمن. في حين تعتقد مصادر مطلعة، أن مسألة عرقلة أنبوب النفط السعودي في محافظة المهرة، ماهي إلا جزء من العقبات التي كانت أبوظبي تضعها أمام الرياض في مناطق سيطرة التحالف.
ويبدو أن عودة قيادة الانتقالي إلى عدن، عقب زيارتهم إلى روسيا، مؤشراً إلى أن موسكو قد تمكنت من إقناع السعوديين السماح بإعادة قيادة الانتقالي إلى عدن، خصوصاً أن الظروف القائمة جنوب اليمن، لا تخدم الجانب السعودي في الوقت الراهن، حيث تحتفظ ابوظبي بالتفوق العسكري على الميدان جنوب اليمن، بينما ماتزال الرياض بحاجة إلى المزيد من الوقت لبناء قوة عسكرية مكافئة للقوة التي بنتها الإمارات منذ قرابة ثمانية أعوام من تواجد التحالف في اليمن. وهي مسألة أدركتها الرياض أثناء الأزمة التي فجرتها تصريحات العليمي ضد القضية الجنوبية أواخر فبراير الماضي. مما دفع الرياض إلى تجنب إشعال المعركة وترحيلها إلى وقت لاحق.
وتؤكد الوقائع في عدن أن القدرة السياسية والعسكرية للإمارات، ستجعل مسألة الحسم أمراً صعباً بالنسبة للسعودية لكنه أصبح حتمياً ولم يعد بالإمكان تجنبه.